46 - (ولو أرادوا الخروج) معك (لأعدوا له عدة) أهبة من الآلة والزاد (ولكن كره الله انبعاثهم) أي لم يرد خروجهم (فثبطهم) كسلهم (وقيل) لهم (اقعدوا مع القاعدين) المرضى والنساء والصبيان ، أي قدَّر الله تعالى ذلك
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أراد هؤلاء المستأذنوك، يا محمد، في ترك الخروج معك لجهاد عدوك، الخروج معك، " لأعدوا له عدة "، يقول: لأعدوا للخروج عدة، ولتأهبوا للسفر والعدو، أهبتهما، " ولكن كره الله انبعاثهم "، يعني خروجهم لذلك، " فثبطهم "، يقول: فثقل عليهم الخروج حتى استخفوا القعود في منازلهم خلافك، واستثقلوا السفر والخروج معك، فتركوا لذلك الخروج، " وقيل اقعدوا مع القاعدين "، يعني: اقعدوا مع المرضى والضعفاء الذين لا يجدون ما ينفقون، ومع النساء والصبيان، واتركوا الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمجاهدين في سبيل الله.
وكان تثبيط الله إياهم عن الخروج مع رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، لعلمه بنفاقهم وغشهم للإسلام وأهله، وأنهم لو خرجوا معهم ضروهم ولم ينفعوا، وذكر أن الذين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القعود كانوا: ((عبد الله بن أبي ابن سلول))، و((الجد بن قيس))، ومن كان على مثل الذي كانا عليه. كذلك:
حدثا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن أبي إسحق قال: كان الذين استأذنوه فيما بلغني، من ذوي الشرف، منهم: عبد الله بن أبي ابن سلول، والجد بن قيس، وكانوا أشرافاً في قومهم، فثبطهم الله، لعلمه بهم، أن يخرجوا معهم، فيفسدوا عليه جنده.
قوله تعالى: "ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة" أي لو أرادوا الجهاد لتأهبوا أهبة السفر. فتركهم الاستعداد دليل على إرادتهم التخلف. "ولكن كره الله انبعاثهم" أي خروجهم معك. "فثبطهم" أي حبسهم عنك وخذلهم. لأنهم قالوا: إن لم يؤذن لنا في الجلوس أفسدنا وحرضنا على المؤمنين. ويدل على هذا أن بعده "لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا". "وقيل اقعدوا مع القاعدين" قيل: هو من قول بعضهم لبعض. وقيل: هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون هذا هو الإذن الذي تقدم ذكره. قيل: قاله النبي صلى الله عليه وسلم غضباً، فأخذوا بظاهر لفظه وقالوا: قد أذن لنا. وقيل: هو عبارة عن الخذلان، أي أوقع الله في قلوبهم القعود. ومعنى "مع القاعدين" أي مع أولي الضرر والعميان والزمنى والنسوان والصبيان.
يقول تعالى: "ولو أرادوا الخروج" أي معك إلى الغزو "لأعدوا له عدة" أي لكانوا تأهبوا له "ولكن كره الله انبعاثهم" أي أبغض أن يخرجوا معكم قدراً "فثبطهم" أي أخرهم "وقيل اقعدوا مع القاعدين" أي قدراً ثم بين تعالى وجه كراهيته لخروجهم مع المؤمنين فقال: "لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً" أي لأنهم جبناء مخذولون "ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة" أي ولأسرعوا السير والمشي بينكم بالنميمة والبغضاء والفتنة "وفيكم سماعون لهم" أي مطيعون لهم ومستحسنون لحديثهم وكلامهم يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم فيؤدي إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير. وقال مجاهد وزيد بن أسلم وابن جرير: "وفيكم سماعون لهم" أي عيون يسمعون لهم الأخبار وينقلونها إليهم, وهذا لا يبقى له اختصاص بخروجهم معهم بل هذا عام في جميع الأحوال والمعنى الأول أظهر في المناسبة بالسياق وإليه ذهب قتادة وغيره من المفسرين.
وقال محمد بن إسحاق: كان الذين استأذنوا فيما بلغني من ذوي الشرف منهم عبد الله بن أبي ابن سلول والجد بن قيس وكانوا أشرافاً في قومهم فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معه فيفسدوا عليه جنده وكان في جنده قوم أهل محبة لهم وطاعة فيما يدعونهم إليه لشرفهم فيهم فقال: "وفيكم سماعون لهم" ثم أخبر تعالى عن تمام علمه فقال: "والله عليم بالظالمين" فأخبر بأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون, ولهذا قال تعالى: "لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً" فأخبر عن حالهم كيف يكون لو خرجوا ومع هذا ما خرجوا كما قال تعالى: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" وقال تعالى: "ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون" وقال تعالى: " ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا * وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما * ولهديناهم صراطا مستقيما " والايات في هذا كثيرة .
قوله: 46- "ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة" أي لو كانوا صادقين فيما يدعونه ويخبرونك به من أنهم يريدون الجهاد معك، ولكن لم يكن معهم من العدة للجهاد ما يحتاج إليه لما تركوا إعداد العدة وتحصيلها قبل وقت الجهاد كما يستعد لذلك المؤمنون، فمعنى هذا الكلام: أنهم لا يريدوا الخروج أصلاً ولا استعدوا للغزو. والعدة ما يحتاج إليه المجاهد من الزاد والراحلة والسلاح. قوله: "ولكن كره الله انبعاثهم" أي ولكن كره الله خروجهم فتثبطوا عن الخروج، فيكون المعنى: ما خرجوا ولكن تثبطوا، لأن كراهة الله انبعاثهم تستلزم تثبطهم عن الخروج، والانبعاث الخروج: أي حبسهم الله عن الخروج معك وخذلهم، لأنهم قالوا: إن لم يؤذن لنا في الجلوس أفسدنا وحرضنا على المؤمنين، وقيل المعنى: لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة، ولكن ما أرادوه لكراهة الله له قوله: "وقيل اقعدوا مع القاعدين" قيل القائل لهم هو الشيطان بما يلقيه إليهم من الوسوسة، وقيل قاله بعضهم لبعض، وقيل قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً عليهم، وقيل هو عبارة عن الخذلان: أي أوقع الله في قلوبهم القعود خذلاناً لهم. ومعنى "مع القاعدين" أي مع أولي الضرر من العميان والمرضى والنساء والصبيان، وفيه من الذم لهم والإزراء عليهم والتنقص بهم ما لا يخفى.
46-"ولو أرادوا الخروج"، إلى الغزو، "لأعدوا له"، أي: لهيؤوا له "عدة"، أهبة وقوة من السلام والكراع، "ولكن كره الله انبعاثهم"، خروجهم، "فثبطهم"، منعهم وحبسهم عن الخروج، "وقيل اقعدوا"، في بيوتكم، "مع القاعدين"، يعنى: مع المرضى والزمنى. وقيل: مع النسوان والصبيان. قوله عز وجل: "وقيل" أي: قال بعضهم لبعض: اقعدوا. وقيل: أوحى إلى قلوبهم وألهموا أسباب الخذلان.
46."ولو أرادوا الخروج لأعدوا له " للخروج . " عدة " أهبة وقرئ عده بحذف التاء عند الإضافة كقوله :
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
وعده بكسر العين بالإضافة وعدة بغيرها . " ولكن كره الله انبعاثهم " استدراك عن مفهوم قوله : " ولو أرادوا الخروج " كأنه قال ما خرجوا ولكن تثبطوا لأنه تعالى كره انبعاثها أي نهوضهم للخروج . " فثبطهم " فحسبهم بالجبن والكسل . "وقيل اقعدوا مع القاعدين " تمثيل لإلقاء الله كراهة الخروج في قلوبهم ، أو وسوسة الشيطان بالأمر بالقعود ، أو حكاية قول بعضهم لبعض ، أو إذن لرسول عليه السلام لهم والقاعدين يحتمل المعذورين وغيرهم وعلى الوجهين لا يخلو عن ذم .
46. And if they had wished to go forth they would assuredly have made ready some equipment, but Allah was averse to their being sent forth and held them back and (it was said unto them ) : Sit ye with the sedentary!
46 - If they had intended to come out, they would certainly have made some preparation therefor; but God was averse to their being sent forth; so he made them lag behind, and they were told, sit ye among those who sit (inactive).