47 - (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل) إلى الشام (ولا تعذبهم) أي خل عنهم من استعمالك إياهم في أشغالك الشاقة كالحفر والبناء وحمل الثقيل (قد جئناك بآية) بحجة (من ربك) على صدقنا بالرسالة (والسلام على من اتبع الهدى) أي السلامة له من العذاب
"فأتياه فقولا" له "إنا رسولا ربك".
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج "قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى" ما يحاوركما ، فأوحي إليكما فتجاوبانه.
وقوله "فأتياه فقولا إنا رسولا ربك" أرسلنا إليك يأمرك أن ترسل معنا بني إسرائيل ، فأرسلهم معنا ولا تعذبهم بما تكلفهم من الأعمال الرديئة "قد جئناك بآية" معجزة "من ربك" على أنه أرسلنا إليك بذلك ، إن أنت لم تصدقنا فيما نقول لك أريناكها، "والسلام على من اتبع الهدى" يقول : والسلامة لمن اتبع هدى الله ، وهو بيانه ، يقال : السلام على من اتبع الهدى، ولمن اتبع بمعنى واحد.
قوله تعالى: " فأتياه فقولا إنا رسولا ربك " في الكلام حذف، والمعنى: فأتياه فقولا له ذلك. " فأرسل معنا بني إسرائيل " أي خل عنهم. " ولا تعذبهم " أي بالسخرة والتعب في العمل، وكان بنو إسرائيل عند فرعون في عذاب شديد، يذبح أبناؤهم، ويستحيي نساءهم، ويكلفهم من العمل في الطين واللبن وبناء المدائن ما لا يطيقونه. " قد جئناك بآية من ربك " قال ابن عباس: يريد العصا واليد. وقيل: إن فرعون قال له: وما هي؟ فأدخل يده في جيب قميصه، ثم أخرجها بيضاء لها شعاع مثل شعاع الشمس، غلب نورها على نور الشمس فعجب منها. ولم يره العصا إلا يوم الزينة. " والسلام على من اتبع الهدى " قال الزجاج : أي من اتبع الهدى سلم من سخط الله عز وجل وعذابه. قال: وليس بتحية، والدليل على ذلك أنه ليس بابتداء لقاء ولا خطاب. الفراء : السلام على من اتبع الهدى ولمن اتبع الهدى سواء.
يقول تعالى إخباراً عن موسى وهارون عليهما السلام, أنهما قالا متسجيرين بالله تعالى شاكيين إليه: "إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى" يعنيان أن يبدر إليهما بعقوبة أو يعتدي عليهما, فيعاقبهما وهما لا يستحقان منه ذلك. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أن يفرط يعجل. وقال مجاهد : يبسط علينا. وقال الضحاك عن ابن عباس أو أن يطغى: يعتدي "قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى" أي لا تخافا منه, فإنني معكما أسمع كلامكما وكلامه, وأرى مكانكما ومكانه, لا يخفى علي من أمركم شيء, واعلما أن ناصيته بيدي, فلا يتكلم ولا يتنفس ولا يبطش إلا بإذني وبعد أمري, وأنا معكما بحفظي ونصري وتأييدي.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا علي بن محمد الطنافسي , حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة , عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما بعث الله عز وجل موسى إلى فرعون قال: رب أي شيء أقول ؟ قال: قل هيا شراهيا. قال الأعمش : فسر ذلك: أنا الحي قبل كل شيء والحي بعد كل شيء, إسناده جيد, وشيء غريب "فأتياه فقولا إنا رسولا ربك" قد تقدم في حديث الفتون عن ابن عباس أنه قال: مكثا على بابه حيناً لا يؤذن لهما حتى أذن لهما بعد حجاب شديد.
وذكر محمد بن إسحاق بن يسار أن موسى وأخاه هارون خرجا فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه, وهما يقولان: إنا رسولا رب العالمين فآذنوا بنا هذا الرجل, فمكثا فيما بلغني سنتين يغدوان ويروحان لا يعلم بهما ولا يجترىء أحد على أن يخبره بشأنهما حتى دخل عليه بطال له يلاعبه ويضحكه, فقال له: أيها الملك إن على بابك رجلاً يقول قولاً عجيباً يزعم أن له إلهاً غيرك أرسله إليك. قال ببابي ؟ قال: نعم, قال: أدخلوه, فدخل ومعه أخوه هارون وفي يده عصاه, فلما وقف على فرعون قال: إني رسول رب العالمين, فعرفه فرعون, وذكر السدي أنه لما قدم بلاد مصر ضاف أمه وأخاه, وهما لا يعرفانه, وكان طعامهما ليلتئذ الطفيل وهو اللفت, ثم عرفاه وسلما عليه, فقال له موسى: يا هارون إن ربي قد أمرني أن آتي هذا الرجل فرعون فأدعوه إلى الله وأمرك أن تعاونني. قال: افعل ما أمرك ربك, فذهبا وكان ذلك ليلاً, فضرب موسى باب القصر بعصاه فسمع فرعون, فغضب وقال: من يجترىء على هذا الصنيع الشديد, فأخبره السدنة والبوابون بأن ههنا رجلاً مجنوناً يقول إنه رسول الله, فقال علي به, فلما وقفا بين يديه قالا وقال لهما ما ذكر الله في كتابه.
وقوله: "قد جئناك بآية من ربك" أي بدلالة ومعجزة من ربك "والسلام على من اتبع الهدى" أي والسلام عليك إن اتبعت الهدى, ولهذا لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم كتاباً كان أوله "بسم الله الرحمن الرحمن, من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم, سلام على من اتبع الهدى, أما بعد, فإني أدعوك بدعاية الإسلام, فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين" وكذلك لما كتب مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً صورته من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله, سلام عليك, أما بعد فإني قد أشركتك في الأمر, فلك المدر ولي الوبر, ولكن قريشاً قوم يعتدون, فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم "من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب, سلام على من اتبع الهدى, أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين" ولهذا قال موسى وهارون عليهما السلام لفرعون " والسلام على من اتبع الهدى * إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى " أي قد أخبرنا الله فيما أوحاه إلينا من الوحي المعصوم أن العذاب متمحض لمن كذب بآيات الله وتولى عن طاعته, كما قال تعالى: " فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى " وقال تعالى: "فأنذرتكم ناراً تلظى * لا يصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى" وقال تعالى: " فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى " أي كذب بقلبه, وتولى بفعله.
ثم أمرهما بإتيانه الذي هو عبارة عن الوصول إليه بعد أمرهما بالذهاب إليه فلا تكرار 47- "فقولا إنا رسولا ربك" أرسلنا إليك "فأرسل معنا بني إسرائيل" أي خل عنهم وأطلقهم من الأسر "ولا تعذبهم" بالبقاء على ما كانوا عليه، وقد كانوا عند فرعون في عذاب شديد: يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم، ويكلفهم من العمل ما لا يطيقونه، ثم أمرهما سبحانه أن يقولا لفرعون "قد جئناك بآية من ربك" قيل هي العصا واليد، وقيل إن فرعون قال لهما: وما هي؟ فأدخل موسى يده في جيب قميصه، ثم أخرجها لها شعاع كشعاع الشمس، فعجب فرعون من ذلك، ولم يره موسى العصا إلا يوم الزينة "والسلام على من اتبع الهدى" أي السلامة. قال الزجاج: أي من اتبع الهدى سلم من سخط الله عز وجل من عذابه، وليس بتحية. قال: والدليل على ذلك أنه ليس بابتداء لقاء ولا خطاب. قال الفراء: السلام على من اتبع الهدى، ولمن اتبع الهدى سواء.
47. " فأتياه فقولا إنا رسولا ربك "، أرسلنا إليك، " فأرسل معنا بني إسرائيل "، أي: خل عنهم وأطلقهم عن أعمالك، " ولا تعذبهم "، لا تتعبهم في العمل. وكان فرعون يستعملهم في الأعمال الشاقة، " قد جئناك بآية من ربك "، قال فرعون: وما هي؟ فأخرج يده، لها شعاع كشعاع الشمس، " والسلام على من اتبع الهدى "، ليس المراد منه التحية، إنما معناه سلم من عذاب الله من أسلم.
47ـ " فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل " أطلقهم . " ولا تعذبهم " بالتكاليف الصعبة وقتل الولدان ، فإنهم كانوا في أيدي القبط يستخدمونهم ويتعبونهم في العمل ويقتلون ذكور أولادهم في عام دون عام ، وتعقيب الإتيان بذلك دليل على أن تخليص المؤمنين من الكفرة أهم من دعوتهم إلى الإيمان ، ويجوز أن يكون للتدريج في الدعوة . " قد جئناك بآية من ربك " جملة مقررة لما تضمنه الكلام السابق من دعوى الرسالة ، وإنما وحد الآية وكان معه آيتان لأن المراد إثبات الدعوى ببرهانها لا الإشارة إلى وحدة الحجة وتعددها ، وكذلك قوله :" قد جئتكم ببينة" " فأت بآية " " قال أو لو جئتك بشيء مبين " "والسلام على من اتبع الهدى " وسلام الملائكة وخزنة الجنة على المهتدين ، أو السلامة في الدارين لهم .
47. So go ye unto him and say: Lo! we are two messengers of thy Lord. So let the Children of Israel go with us, and torment them not. We bring thee a token from thy Lord And peace will be for him who followeth right guidance.
47 - So go ye both to him, and say, verily we are apostles sent by thy Lord: send forth, therefore, the Children Of Israel with us, and afflict them not: with a Sign, indeed, Have we come from thy Lord! and peace to all who follow guidance!