48 - (وأنه هو أغنى) الناس بالكفاية بالأموال (وأقنى) أعطى المتخذ قنية
يقول تعالى ذكره : وأن ربك هو أغنى من أغنى من خلقه بالمال وأقناه فجعل له قنية أصول أموال .
واختلف أهل التأويل في تأويله فقال بعضهم بالذي قلنا في ذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : ثنا عبيد الله بن موسى عن السدي عن أبي صالح قوله " أغنى وأقنى " قال : أغنى المال وأقنى القنية .
وقال آخرون عني بقوله " أغنى " : أخدم . .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا سفيان عن ليث عن مجاهد في قوله " وأنه هو أغنى وأقنى " قال : أغنى مول وأقنى : أخدم .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن قوله " أغنى وأقنى " قال : وأخدم .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " أغنى وأقنى " قال : أغنى وأخدم .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " أغنى وأقنى " قال : أعطى وأرضى وأخدم .
وقال آخرون بل عني بذلك أنه أغنى من المال وأقنى : رضي .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني عمي قال ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " وأنه هو أغنى وأقنى " قال : فإنه أغنى وأرضى .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان عن ليث عن مجاهد " وأنه هو أغنى وأقنى " قال : أغنى مول وأقنى : رضى .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " أغنى " قال : مول " وأقنى " قال رضى .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " وأنه هو أغنى وأقنى " يقول : أعطاه وأرضاه .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن ليث عن مجاهد مثل حديث ابن بشار عن عبد الرحمن عن سفيان .
وقال آخرون بل عني بذلك أنه أغنى نفسه وأفقر خلقه إليه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه " وأنه هو أغنى وأقنى " قال : زعم حضرمي أنه ذكر له أنه أغنى نفسه وأفقر الخلائق إليه .
وقال آخرون بل عني بذلك أنه أغنى من شاء من خلقه وأفقر من شاء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " وأنه هو أغنى وأقنى " قال : أغنى فأكثر وأقنى فأقل وقرأ " يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له " ( سبأ: 36 (
" وأنه هو أغنى وأقنى " قال ابن زيد : أغنى من شاء وأفقر من شاء ، ثم قرأ " يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له " وقرأ " يقبض ويبسط " واختاره الطبري . وعن ابن زيد أيضا و مجاهد و قتادة و الحسن : (( أغنى )) مول (( وأقنى )) أخدم . وقيل : (( أقنى )) جعل لكم قنية تقتنونها ، وهو معنى أخدم أيضا . وقيل : معناه أرضى بما أعطى أي أغناه ثم رضاه بما أعطاه ، قاله ابن عباس . وقال الجوهري : قني الرجل يقنى قنى ، مثل غني يغنى غنى ، وأقناه الله أي أعطاه الله ما يقتني من القنية والنشب . وأقناه الله أيضا أي رضاه . والقنى الرضا ، عن أبي زيد ، قال وتقول العرب : من أعطي مائة من المعز فقد أعطي القنى ، ومن أعطي مائة من الضأن فقد أعطي الغنى ، ومن أعطي مائة من الإبل فقد أعطي المنى . ويقال : أغناه الله وأقناه أي أعطاه ما يسكن إليه . وقيل : " أغنى وأقنى " أي أغنى نفسه وأفقر خلقه إليه ، قاله سليمان التيمي . وقال سفيان : أغنى بالقناعة وأقنى بالرضا . وقال الأخفش : أقنى أفقر . قال ابن كيسان : أولد . وهذا راجع لما تقدم .
يقول تعالى: "وأن إلى ربك المنتهى" أي المعاد يوم القيامة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا سويد بن سعيد, حدثنا مسلم بن خالد عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم, تعلمون أن المعاد إلى الله إلى الجنة أو النار, وذكر البغوي من رواية أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "وأن إلى ربك المنتهى" قال: لا فكرة في الرب. قال البغوي: وهذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعاً "تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنه لا تحيط به الفكرة" وكذا أورده وليس بمحفوظ بهذا اللفظ, وإنما الذي في الصحيح "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا ؟ حتى يقول: من خلق ربك ؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته" وفي الحديث الاخر الذي في السنن "تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذات الله تعالى فإن الله خلق ملكاً ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة ثلاثمائة سنة" أو كما قال: وقوله تعالى: "وأنه هو أضحك وأبكى" أي خلق في عباده الضحك والبكاء وسببهما وهما مختلفان "وأنه هو أمات وأحيا" كقوله: "الذي خلق الموت والحياة" "وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى" كقوله: "أيحسب الإنسان أن يترك سدى ؟ * ألم يك نطفة من مني يمنى! * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟".
وقوله تعالى: "وأن عليه النشأة الأخرى" أي كما خلق البداءة هو قادر على الإعادة وهي النشأة الأخرى يوم القيامة "وأنه هو أغنى وأقنى" أي ملك عباده المال وجعله لهم قنية مقيماً عندهم لا يحتاجون إلى بيعه, فهذا تمام النعمة عليهم, وعلى هذا يدور كلام كثير من المفسرين, منهم أبو صالح وابن جرير وغيرهما, وعن مجاهد "أغنى" مول "وأقنى" أخدم, وكذا قال قتادة, وقال ابن عباس ومجاهد أيضاً "أغنى" أعطى "وأقنى" رضى. وقيل: معناه أغنى نفسه وأفقر الخلائق إليه, قاله الحضرمي بن لاحق, وقيل: أغنى من شاء من خلقه, وأقنى أي أفقر من شاء منهم, قال ابن زيد, حكاهما ابن جرير وهما بعيدان من حيث اللفظ. وقوله: "وأنه هو رب الشعرى" قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له مرزم الجوزاء كانت طائفة من العرب يعبدونه "وأنه أهلك عاداً الأولى" وهم قوم هود ويقال لهم عاد بن إرم بن سام بن نوح كما قال تعالى: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد " فكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله تعالى وعلى رسوله فأهلكهم الله " بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " أي متتابعة.
وقوله تعالى: "وثمود فما أبقى" أي دمرهم فلم يبق منهم أحداً "وقوم نوح من قبل" أي من قبل هؤلاء "إنهم كانوا هم أظلم وأطغى" أي أشد تمرداً من الذين من بعدهم "والمؤتفكة أهوى" يعني مدائن لوط قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها, وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود, ولهذا قال: فغشاها ما غشى يعني من الحجارة التي أرسلها عليهم "وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين" قال قتادة, كان في مدائن لوط أربعة آلاف ألف إنسان, فانضرم عليهم الوادي شيئاً فشيئاً من نار ونفط وقطران كفم الأتون. ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن محمد بن وهب بن عطية عن الوليد بن مسلم عن خليد عنه به, وهو غريب جداً " فبأي آلاء ربك تتمارى " أي ففي أي نعم الله عليك أيها الإنسان تمتري ؟ قاله قتادة وقال ابن جريج " فبأي آلاء ربك تتمارى " يا محمد والأول أولى, وهو اختيار ابن جرير.
48- "وأنه هو أغنى وأقنى" أي أغنى من شاء وأفقر من شاء، ومثله قوله: "يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر" وقوله: "يقبض ويبسط" قال ابن زيد، واختاره ابن جرير، وقال مجاهد وقتادة والحسن: أغنى: مول، وأقنى: أخدم، وقيل معنى أقنى: أعطى القنية، وهي ما يتأثل من الأموال. وقيل معنى أقنى أرضى بما أعطى: أي أغناه، ثم رضاه بما أعطاه. قال الجوهري: قنى الرجل قنى، مثل غنى غنىً: أي أعطاه ما يقتني، وأقناه أرضاه، والقنى الرضى: قال أبو زيد: تقول العرب من أعطى مائة من البقر فقد أعطى القنى، ومن أعطى مائة من الضأن فقد أعطى الغنى، ومن أعطى مائة من الإبل فقد أعطى المنى. قال الأخفش وابن كيسان: أقنى أفقر، وهو يؤيد القول الأول.
48. " وأنه هو أغنى وأقنى "، قال أبو صالح : أغنى الناس بالأموال وأقنى، أى: أعطى القنية وأصول الأموال وما يدخرونه بعد الكفاية.
قال الضحاك : أغنى بالذهب والفضة وصنوف الأموال وأقنى بالإبل والبقر والغنم.
وقال قتادة و الحسن : ((أقنى)): أخدم.
وقال ابن عباس: ((أغنى وأقنى)): أعطى فأرضى.
قال مجاهد و مقاتل : ((أقنى)): أرضى بما أعطى وقنع.
وقال ابن زيد : ((أغنى)): أكثر ((وأقنى)): أقل، وقرأ: " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر "، (الإسراء-30) وقال الأخفش : (0أقنى)): أفقر. وقال ابن كيسان : أولد.
48-" وأنه هو أغنى وأقنى " وأعطى القنية وهو ما يتأثل من الأموال ، وإفرادها لأنها أشرف الأموال وأرضى وتحقيقه جعل الرضا له قنية .
48. And that He it is Who enricheth and contenteth:
48 - That it is He Who giveth wealth and satisfaction;