5 - (كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب) كعاد وثمود وغيرهما (من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه) يقتلوه (وجادلوا بالباطل ليدحضوا) يزيلوا (به الحق فأخذتهم) بالعقاب (فكيف كان عقاب) لهم أي هو واقع موقعه
وبنحو الذين قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم " قال : الكفار .
وقوله : " وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه " يقول تعالى ذكره : وهمت كل أمة من هذه الأمم المكذبة رسلها ، المتحزبة على أنبيائها ، برسولهم الذي أرسل إليهم ليأخذوه فيقتلوه .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه " : أي ليقتلوه . وقيل برسولهم ، وقد قيل : كل أمة ، فوجهت الهاء والميم إلى الرجل دون لفظ الأمة ، وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله برسولها ، يعني برسول الأمة .
وقوله : " وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق " يقول : وخاصموا رسولهم بالباطل من الخصومة ليبطلوا بجدالهم إياه وخصومتهم له الحق الذي جاءهم به من عند الله ، من الدخول في طاعته ، والإقرار بتوحيده ، والبراءة من عبادة ما سواه ، كما يخاصمك كفار قومك يا محمد بالباطل .
وقوله : " فأخذتهم فكيف كان عقاب " يقول تعالى ذكره : فأخذت الذين هموا برسولهم ليأخذوه بالعذاب من عندي ، فكيف كان عقابي إياهم ، ألم أهلكهم فأجعلهم للخلق عبرة ، ولمن بعدهم عظة ، وأجعل ديارهم ومساكنهم منهم خلاء ، وللوحوش ثواء ؟ .
وقد حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد عن قتادة " فأخذتهم فكيف كان عقاب " قال : شديد والله .
قوله تعالى : " كذبت قبلهم قوم نوح " على تأنيث الجماعة أي كذبت الرسل . " والأحزاب من بعدهم " أي والأمم الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب نحو عاد وثمود فمن بعدهم . " وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه " أي ليحبسوه ويعذبوه . وقال قتادة و السدي : ليقتلوه . والأخذ يرد بمعنى الإهلاك ، كقوله : " ثم أخذتهم فكيف كان نكير " [ الحج : 44] والعرب تسمي الأسير ألأخيذ ، لأن مأسور للقتل ، وأنشد قطرب قول الشاعر :
فإأما تأخذوني تقتلوني فكم من آخذ يهوى خلودي
وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان : أحدهما عند دعائه لهم . الثاني عند نزول العذاب بهم " وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق " أي ليزيلوا . ومنه مكان دحض أي مزلقة ، والباطل داحض ، لأنه يزلق ويزل فلا يستقر . قال يحيى بن سلام : جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمامن . " فأخذتهم " أب بالعذاب . " فكيف كان عقاب " أي عاقبة الأمم المكذببة . أي أليس وجدوه حقاً .
يقول تعالى ما يدفع ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان "إلا الذين كفروا" أي الجاحدون لايات الله وحججه وبراهينه "فلا يغررك تقلبهم في البلاد" أي في أموالها ونعيمها وزهرتها كما قال جل وعلا: "لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد" وقال عز وجل: "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ" ثم قال تعالى مسلياً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه بأن له أسوة فيمن سلف من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنه قد كذبهم أممهم وخالفوهم وما آمن بهم منهم إلا قليل فقال: "كذبت قبلهم قوم نوح" وهو أول رسول بعثه الله ينهى عن عبادة الأوثان "والأحزاب من بعدهم" أي من كل أمة "وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه" أي حرصوا على قتله بكل ممكن ومنهم من قتل رسوله "وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق" أي ما حلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي.
وقد قال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا عارم أبو النعمان حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعان باطلاً ليدحض به حقاً فقد برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم" وقوله جلت عظمته: "فأخذتهم" أي أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الاثام والذنوب العظام "فكيف كان عقاب" أي فكيف بلغك عذابي لهم ونكالي بهم قد كان شديداً موجعاً مؤلماً. قال قتادة كان شديداً والله. وقوله جل جلاله: "وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار" أي كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد بطريق الأولى والأحرى لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك, والله أعلم.
ثم بين حال من كان قبلهم، وأن هؤلاء سلكوا سبيل أولئك في التكذيب فقال: 5- "كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم" الضمير في بعدهم يرجع إلى قوم نوح: أي وكذبت الأحزاب الذين تحزبوا على الرسل من بعد قوم نوح كعاد وثمود "وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه" أي همت كل أمة من تلك الأمم المكذبة برسولهم الذي أرسل إليهم ليأخذوه ليتمكنوا منه فيحبسوه ويعذبوه ويصيبوا منه ما أرادوا. وقال قتادة والسدي: ليقتلوه، والأخذ قد يرد بمعنى الإهلاك، كقوله: "ثم أخذتهم فكيف كان نكير" والعرب تسمي الأسير الأخيذ "وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق" أي خاصموا رسولهم بالباطل من القول ليدحضوا به الحق ليزيلوه، ومنه مكان دحض: أي مزلقة ومزلة أقدام، والباطل داحض لأنه يزلق ويزول فلا يستقر. قال يحيى بن سلام: جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان "فأخذتهم فكيف كان عقاب" أي فأخذت هؤلاء المجادلين بالباطل، فكيف كان عقابي الذي عاقبتهم به، وحذف ياء المتكلم من عقاب اجتزاء بالكسرة عنها وصلاً ووقفاً لأنها رأس آية.
5. " كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم "، وهم الكفار الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب من بعد قوم نوح، " وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه "، قال ابن عباس: ليقتلوه ويهلكوه. وقيل: ليأسروه. والعرب تسمي الأسير أخيذاً، " وجادلوا بالباطل ليدحضوا "، ليبطلوا، " به الحق "، الذي جاء به الرسل ومجادلتهم مثل قولهم: " إن أنتم إلا بشر مثلنا " (إبراهيم-10)، " لولا أنزل علينا الملائكة " (الفرقان-21)، ونحو ذلك، " فأخذتهم فكيف كان عقاب ".
5-" كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم " والذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم بعد قوم نوح كعاد وثمود . " وهمت كل أمة " من هؤلاء " برسولهم " وقرئ برسولها " ليأخذوه " ليتمكنوا من إصابته بما أرادوا من تعذيب وقتل من الأخذ بمعنى الأسر . " وجادلوا بالباطل " بما لا حقيقة له " ليدحضوا به الحق " ليزيلوه به " فأخذتهم " بالإهلاك جزاء لهم . " فكيف كان عقاب " فأنكم تمرون على ديارهم وترون أثره . وهو تقرير فيه تعجيب .
5. The folk of Noah and the factions after them denied (their messengers) before these, and every nation purposed to seize their messenger and argued falsely, (thinking) thereby to refute the Truth. Then I seized them, and how (awful) was My punishment.
5 - But (there were people) before them, who denied (the Signs), the people of Noah, and the confederates (of Evil) after them; and every people plotted against their prophet, to seize him, and disputed by means of vanities, there with to condemn the truth: but it was I that seized them! And how (terrible) was My Requital!