50 - (ووهبنا لهم) للثلاثة (من رحمتنا) المال والولد (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) رفيعا هو الثناء الحسن في جميع أهل الأديان
"ووهبنا لهم من رحمتنا" يقول جل ثناؤه: ورزقنا جميعهم ، يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب من رحمتنا، وكان الذي وهب لهم من رحمته ، ما بسط لهم في عاجل الدنيا من سعة رزقه ، وأغناهم بفضله.
وقوله: "وجعلنا لهم لسان صدق عليا" يقول تعالى ذكره: ورزقناهم الثناء الحسن ، والذكر الجميل من الناس.
كما حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : "وجعلنا لهم لسان صدق عليا" يقول : الثناء الحسن ، وإنما وصف جل ثناؤه اللسان الذي جعل لهم بالعلو، لأن جميع أهل الملل تحسن الثناء عليهم ، والعرب تقول: قد جاءني لسان فلان ، تعني ثناءه أو ذمه؟ ومنه قول عامر بن الحارث:
إني أتتني لسان لا أسر بها من علو لا عجب منها ولا سخر
ويروى: لا كذب فيها ولا سخر.
جاءت مرجمةً قد كنت أحذرها لو كان ينفعني الإشفاق والحذر
مرجمة: يظن بها.
وقوله: " وجعلنا لهم لسان صدق عليا " أي أثنينا عليهم ثناء حسناً، لأن جميع الملل تحسن الثناء عليهم. واللسان يذكر ويؤنث، وقد تقدم.
يقول تعالى: فلما اعتزل الخليل أباه وقومه في الله, أبدله الله من هو خير منهم, ووهب له إسحاق ويعقوب يعني ابنه وابن إسحاق, كما قال في الآية الأخرى: "ويعقوب نافلة" وقال"ومن وراء إسحاق يعقوب" ولاخلاف أن إسحاق والد يعقوب, وهو نص القرآن في سورة البقرة: "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ؟ قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق" ولهذا إنما ذكر ههنا إسحاق ويعقوب, أي جعلنا له نسلاً وعقباً أنبياء أقر الله بهم عينه في حياته, ولهذا قال: "وكلاً جعلنا نبياً" فلو لم يكن يعقوب عليه السلام قد نبىء في حياة إبراهيم لما اقتصر عليه ولذكر ولده يوسف, فإنه نبي أيضاً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته حين سئل عن خير الناس, فقال: "يوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله", وفي اللفظ الاخر "إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم". وقوله "ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يعني الثناء الحسن, وكذا قال السدي ومالك بن أنس , وقال ابن جرير : إنما قال عليا لأن جميع الملل والأديان يثنون عليهم ويمدحونهم, صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
50- "ووهبنا لهم من رحمتنا" بأن جعلناهم أنبياء، وذكر هذا بعد التصريح بجعلهم أنبياء لبيان أن النبوة هي من باب الرحمة. وقيل المراد بالرحمة هنا المال، وقيل الأولاد، وقيل الكتاب، ولا يبعد أن يندرج تحتها جميع هذه الأمور "وجعلنا لهم لسان صدق علياً" لسان الصدق الثناء الحسن، عبر عنه باللسان لكونه يوجد به كما عبر باليد عن العطية، وإضافته إلى الصدق ووصفه بالعلو للدلالة على أنهم أحقاء بما يقال فيهم من الثناء على ألسن العباد.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "لأرجمنك" قال: لأشتمنك "واهجرني ملياً" قال: حيناً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه "واهجرني ملياً" قال: اجتنبني سوياً. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال: اجتنبني سالماً قبل أن تصيبك مني عقوبة. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وعكرمة "ملياً" دهراً. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال: سالماً. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "إنه كان بي حفياً" قال: لطيفاً. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب" قال: يقول وهبنا له إسحاق ويعقوب ابن ابنه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "وجعلنا لهم لسان صدق علياً" قال: الثناء الحسن.
50 - " ووهبنا لهم من رحمتنا " .قال الكلبي : المال والولد ، وهو قول الأكثرين ،قالوا : ما بسط لهم في الدنيا من سعة الرزق . وقيل : الكتاب والنبوة .
" وجعلنا لهم لسان صدق علياً " ،يعني ثناءً حسناً رفيعاً في كل أهل الأديان ، فكلهم بتولونهم ،ويثنون عليهم .
50ـ " وهبنا لهم من رحمتنا " النبوة والأموال والأولاد . " وجعلنا لهم لسان صدق عليا " يفتخر بهم الناس ويثنون عليهم ، استجابة لدعوته " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " والمراد باللسان ما يوجد به ، ولسان العرب لغتهم وإضافته إلى الصدق وتوصيفه بالعو للدلالة على أنهم أحقاء بما يثنون عليهم ، وأن محامدهم لا تخفى على تباعد الأعصار وتحول الدول وتبدل الملل.
50. And We gave them of Our mercy, and assigned to them a high and true renown.
50 - And we bestowed Of Our Mercy on them, and We granted them Lofty honour on the tongue Of truth.