51 - (قال) فرعون (فما بال) حال (القرون) الأمم (الأولى) كقوم نوح وهود ولوط وصالح في عبادتهم الأوثان
يقول تعالى ذكره : قال فرعون لموسى، إذ وصف موسى ربه جل جلاله بما وصفه به من عظيم السلطان ، وكثرة الإنعام على خلقه والإفضال : فما شأن الأمم الخالية من قبلنا لم تقر بما تقول ، ولم تصدق بما تدعو إليه ، ولم تخلص له العبادة، ولكنها عبدت الآلهة والأوثان من دونه ، إن كان الأمر على ما تصف من أن الأشياء كلها خلقه ، وأنها في نعمه تتقلب ، وفي مننه تتصرف؟
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: " قال فما بال " البال الحال، أي ما حالها وما شأنها، فأعلمه أن علمها عند الله تعالى، أي إن هذا من علم الغيب الذي سألت عنه، وهو مما استأثر الله تعالى به لا يعلمه إلا هو، وما أنا إلا عبد مثلك، لا أعلم منه إلا ما أخبرني به علام الغيوب، وعلم أحوال القرون مكتوبة عند الله في اللوح المحفوظ. وقيل: المعنى فما بال القرون الأولى لم يقروا بذلك. أي فما بالهم ذهبوا وقد عبدوا غير ربك. وقيل: إنما سأله عن أعمال القرون الأولى، فأعلمه أنها محصاة عند الله تعالى، ومحفوظة عنده في كتاب. أي هي مكتوبة فيسجازيهم غداً بها وعليها. وعنى بالكتاب اللوح المحفوظ. وقيل: هو كتاب مع بعض الملائكة.
الثانية: هذه الآية ونظائرها مما تقدم ويأتي تدل على تدوين العلوم وكتبها لئلا تنسى. فإن الحفظ قد تعتريه الآفات من الغلط والنسيان. وقد لا يحفظ الإنسان ما يسمع فيقيده لئلا يذهب عنه. وروينا بالإسناد المتصل عن قتادة أنه قيل له: أنكتب ما نسمع منك؟ قال: وما يمنعك أن تكتب وقد أخبرك اللطيف الخبير أنه يكتب،
يقول تعالى مخبراً عن فرعون أنه قال لموسى منكراً وجود الصانع الخالق إله كل شيء وربه ومليكه, قال "فمن ربكما يا موسى" أي الذي بعثك وأرسلك من هو, فإني لا أعرفه وما علمت لكم من إله غيري "قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى". قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يقول خلق لكل شيء زوجه. وقال الضحاك عن ابن عباس : جعل الإنسان إنساناً, والحمار حماراً, والشاة شاة. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد : أعطى كل شيء صورته. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : سوى خلق كل دابة.
وقال سعيد بن جبير في قوله: "أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" قال: أعطى كل ذي خلق ما يصلحه من خلقه, ولم يجعل للإنسان من خلق الدابة, ولاللدابة من خلق الكلب, ولا للكلب من خلق الشاة, وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح, وهيأ كل شيء على ذلك, ليس شيء منها يشبه شيئاً من أفعاله في الخلق والرزق والنكاح. وقال بعض المفسرين: أعطى كل شيء خلقه ثم هدى, كقوله تعالى: "الذي قدر فهدى" أي قدر قدراً وهدى الخلائق إليه, أي كتب الأعمال والاجال والأرزاق, ثم الخلائق ماشون على ذلك لا يحيدون عنه ولا يقدر أحد على الخروج منه.
يقول ربنا الذي خلق الخلق وقدر القدر وجبل الخليقة على ما أراد "قال فما بال القرون الأولى" أصح الأقوال في معنى ذلك أن فرعون لماأخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق, وقدر فهدى, شرع يحتج بالقرون الأولى, أي الذين لم يعبدوا الله, أي فما بالهم إذا كان الأمر كذلك لم يعبدوا ربك بل عبدوا غيره, فقال له موسى في جواب ذلك, هم وإن لم يعبدوه فإن علمهم عند الله مضبوط علهيم, وسجزيهم بعملهم في كتاب الله, وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال "لا يضل ربي ولا ينسى" أي لا يشذ عنه شيء, ولا يفوته صغير ولا كبير, ولا ينسى شيئاً يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط, وأنه لا ينسى شيئاً, تبارك وتعالى وتقدس وتنزه, فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان: أحدهما عدم الإحاطة بالشيء, والاخر نسيانه بعد علمه, فنزه نفسه عن ذلك.
51- "قال فما بال القرون الأولى" لما سمع فرعون ما احتج به موسى في ضمن هذا الكلام على إثبات الربوبية كما لا يخفى من أن الخلق والهداية ثابتان بلا خلاف، ولا بد لهما من خالق وهاد، وذلك الخالق والهادي هو الله سبحانه لا رب غيره. قال فرعون: فما بال القرون الأولى فإنها لم تقر بالرب الذي تدعو إليه يا موسى بل عبدت الأوثان ونحوهما من المخلوقات، ومعنى البال الحال والشأن: أي ما حالهم وما شأنهم؟ وقيل إن سؤال فرعون عن القرون الأولى فإنها لم تقر بالرب الذي تدعو إليه يا موسى بل عبدت الأوثان ونحوها من المخلوقات، ومعنى البال الحال والشأن: أي ما حالهم وما شأنهم؟ وقيل إن سؤال فرعون عن القرون الأولى مغالطة لموسى لما خاف أن يظهر لقومه أنه قد قهره بالحجة: أي ما حال القرون الماضية، وماذا جرى عليهم من الحوادث؟.
51. " قال " فرعون: " فما بال القرون الأولى "، ومعنى ((البال)): الحال، أي: ما حال القرون الماضية والأمم الخالية، مثل قوم نوح وعاد وثمود فيما تدعوني إليها، فإنها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث؟.
51ـ " قال فما بال القرون الأولى " فما حالهم بعد موتهم من السعادة والشقاوة .
51. He said : What then is the state of the generations of old?
51 - pPharaoh) said: what then is the condition of previous generations?