ولقد صرفنا) بينا (في هذا القرآن للناس من كل مثل) صفة لمحذوف أي مثلا من جنس كل مثل ليتعظوا (وكان الإنسان) أي الكافر (أكثر شيء جدلا) خصومة في الباطل وهو تمييز منقول من اسم كان المعنى وكان جدل الإنسان أكثر شيء فيه
يقول عز ذكره : ولقد مثلنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ، ووعظناهم فيه من كل عظة، واحتججنا عليهم فيه بكل حجة ليتذكروا فينيبوا، ويعتبروا فيتعظوا، وينزجروا عما هم عليه مقيمون من الشرك بالله وعبادة الأوثان " وكان الإنسان أكثر شيء جدلا" يقول : وكان الإنسان أكثر شيء مراء وخصومة، لاينيب لحق ، ولاينزجرلموعظة .
كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وكان الإنسان أكثر شيء جدلا" قال : الجدل : الخصومة، خصومة القوم لأنبيائهم ، ورذهم عليهم ما جاءوا به . وقرأ: ما هذا الا بشر مثلكم ياكل مما تاكلون منه ويشرب مما تشربون وقرأ يريد أن يتفضل عليكم . وقرأ حتى توفى 000 الأية " ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس " الآية . وقرأ " ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون " ، قال : هم ليس أنت لقالوا : " إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون " .
قوله تعالى: " ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل " يحتمل وجهين: أحدهما: ما ذكره لهم من العبر والقرون الخالية. الثاني: ما أوضحه لهم من دلائل الربوبية وقد تقدم في " سبحان " فهو على الوجه الأول زجر، وعلى الثاني بيان. " وكان الإنسان أكثر شيء جدلا " أي جدالاً ومجادلة، والمراد به النضر بن الحارث وجداله في القرآن. وقيل الآية في أبي بن خلف. وقال الزجاج: أي الكافر أكثر شيء جدلاً، والدليل على أنه أراد الكافر قوله: " ويجادل الذين كفروا بالباطل ". وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يؤتى بالرجل يوم القيامة من الكفار فيقول الله له: ما صنعت فيما أرسلت إليك فيقول: رب آمنت بك وصدقت برسلك وعملت بكتابك فيقول الله له: هذه صحيفتك ليس فيها شيء من ذلك فيقول: يا رب إني لا أقبل ما في هذه الصحيفة فيقال له هذه الملائكة الحفظة يشهدون عليك فيقول: ولا أقبلهم يا رب وكيف أقبلهم ولا هم من عندي ولا من جهتي فيقول الله تعالى: هذا اللوح المحفوظ أم الكتاب قد شهد بذلك فقال: يا رب ألم تجرني من الظلم قال: بلى فقال: يا رب لا أقبل إلا شاهداً علي من نفسي فيقول الله تعالى الآن نبعث عليك شاهداً من نفسك فيتفكر من ذا الذي يشهد عليه من نفسه فيختم على فيه ثم تنطق جوارحه بالشرك ثم يخلى بينه وبين الكلام فيدخل النار وان بعضه ليلعن بعضاً يقول لأعضائه: لعنكن الله فعنكن كنت أناضل فتقول أعضاؤه: لعنك الله أفتعلم أن الله تعالى يكتم حديثاً فذلك قوله تعالى: " وكان الإنسان أكثر شيء جدلا " " أخرجه مسلم بمعناه من حديث أنس أيضاً. وفي صحيح مسلم " عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة فقال:
ألا تصلون؟ فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت له ذلك، ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول: وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ".
يقول تعالى: ولقد بينا للناس في هذا القرآن ووضحنا لهم الأمور وفصلناها كيلا يضلوا عن الحق ويخرجوا عن طريق الهدى, ومع هذا البيان وهذا الفرقان الإنسان كثير المجادلة والمخاصمة المعارضة للحق بالباطل إلا من هدى الله بصره لطريق النجاة. قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان , أخبرنا شعيب عن الزهري , أخبرني علي بن الحسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة, فقال: ألا تصليان ؟ فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله, فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا, فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئاً, ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه ويقول: "وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً" " أخرجاه في الصحيحين .
لما ذكر سبحانه افتخار الكفرة على فقراء المسلمين بأموالهم وعشائرهم وأجابهم عن ذلك وضرب لهم الأمثلة الواضحة، حكى بعض أهوال الآخرة فقال: 54- "ولقد صرفنا" أي كررنا ورددنا "في هذا القرآن للناس" أي لأجلهم ولرعاية مصلحتهم ومنفعتهم "من كل مثل" من الأمثال التي من جملتها الأمثال المذكورة في هذه السورة، وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة بني إسرائيل، وحين لم يترك الكفار ما هم فيه من الجدال بالباطل، ختم الآية بقوله: "وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً" قال الزجاج: المراد بالإنسان الكافر، واستدل على أن المراد الكافر بقوله تعالى: "ويجادل الذين كفروا بالباطل" وقيل المراد به في الآية النضر بن الحارث، والظاهر العموم وأن هذا النوع أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدال جدلاً، ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث علي "أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلاً، فقال: ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئاً، ثم سمعته يضرب فخذه ويقول "وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً"" وانتصاب جدلاً على التمييز.
54 - قوله عز وجل : " ولقد صرفنا " ، بينا " في هذا القرآن للناس من كل مثل " ، أي ليتذكروا ويتعظوا ، " وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً " ، خصومة في الباطل .
قال ابن عباس : أراد النضر بن الحارث وجداله في القرآن .
قال الكلبي : أراد به أبي بن خلف الجمحي .
وقيل : المراد من الآية الكفار ، لقوله تعالى : " ويجادل الذين كفروا بالباطل " ( الكهف - 56 ) .
وقيل : هي على العموم ، وهذا أصح .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، أنبأنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أنبأنا علي بن الحسين ، أن الحسين بن علي أخبره : أن علياً أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فقال : " ألا تصليان ؟ فقلت : يا رسول الله إن أنفسنا بيد الله ، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت له ذلك ولم يرجع إلي شيئاً ، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول : " وكان الإنسان أكثر شيءً جدلاً " . "
54."ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل"من كل جنس يحتاجون إليه "وكان الإنسان أكثر شيء"يتأتى منه الجدل ."جدلاً"خصومة بالباطل وانتصابه على التمييز.
54. And verily We have displayed for mankind in this Quran all manner of similitudes, but man is more than anything contentious.
54 - We have explained in detail in this Quran, for the benefit of mankind, every kind of similitude: but man is, in, most things, contentious.