54 - (وما منعهم أن تقبل) بالياء والتاء (منهم نفقاتهم إلا أنهم) فاعلٌ ، وأن تقبل مفعول (كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) متثاقلون (ولا ينفقون إلا وهم كارهون) النفقة لأنهم يعدونها مغرماً
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما منع هؤلاء المنافقين، يا محمد، أن تقبل منهم نفقاتهم التي ينفقونها في سفرهم معك، وفي غير ذلك من السبل، إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله.
فـ " أن " الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع، لأن معنى الكلام: ما منع قبول نفقاتهم إلا كفرهم بالله، " ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى "، يقول: لا يأتونها إلا متثاقلين بها. إلا أنهم لا يرجون بأدائها ثواباً، ولا يخافون بتركها عقاباً، وإنما يقيمونها مخافةً على أنفسهم بتركها من المؤمنين، فإذا أمنوهم لم يقيموها، " ولا ينفقون "، يقول: ولا ينفقون من أموالهم شيئاً، " إلا وهم كارهون "، أن ينفقوه في الوجه الذي ينفقونه فيه، مما فيه تقوية للإسلام وأهله.
فيه ثلاث مسائل:
الأولى -قوله تعالى: "وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم" أن الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع. والمعنى: وما منعهم من أن تقبل منهم نفقاتهم إلا كفرهم وقرأ الكوفيون أن يقبل منهم بالياء، لأن النفقات والإنفاق واحد.
الثانية- قوله تعالى: "ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى" قال ابن عباس: إن كان في جماعة صلى وإن انفرد لم يصل، وهو الذي لا يرجو على الصلاة ثواباً ولا يخشى في تركها عقاباً. فالنفاق يورث الكسل في العبادة لا محالة. وقد تقدم في النساء القول في هذا كله. وقد ذكرنا هناك حديث العلاء موعبا. والحمد لله.
الثالثة- قوله تعالى: "ولا ينفقون إلا وهم كارهون" لأنهم يعدونها مغرماً ومنعها مغنماً. وإذا كان الأمر كذلك فهي غير متقبلة ولا مثاب عليها حسب ما تقدم.
يقول تعالى: "قل" لهم يا محمد "هل تربصون بنا" أي تنتظرون بنا "إلا إحدى الحسنيين" شهادة أو ظفر بكم قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم "ونحن نتربص بكم" أي ننتظر بكم "أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا" أي ننتظر بكم هذا أو هذا إما "أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا" بسبي أو بقتل "فتربصوا إنا معكم متربصون" وقوله تعالى: "قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً" أي مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين "لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوماً فاسقين" ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك وهو أنهم لا يتقبل منهم " إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله " أي والأعمال إنما تصح بالإيمان "ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى" أي ليس لهم قصد صحيح ولا همة في العمل "ولا ينفقون" نفقة "إلا وهم كارهون" وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الله لا يمل حتى تملوا وأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. فلهذا لا يقبل الله من هؤلاء نفقة ولا عملاً لأنه إنما يتقبل من المتقين.
ثم بين سبحانه السبب المانع من قبول نفقاتهم فقال: 54- "وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله" أي كفرهم بالله وبرسوله جعل المانع من القبول ثلاثة أمور: الأول: الكفر، الثاني: أنهم لا يصلون في حال من الأحوال إلا في حال الكسل والتثاقل، لأنهم لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً، فصلاتهم ليست إلا رياء للناس وتظهراً بالإسلام الذي يبطنون خلافه، والثالث: أنهم لا ينفقون أموالهم إلا وهم كارهون، ولا ينفقونها طوعاً لأنهم يعدون إنفاقها وضعاً لها في مضيعة لعدم إيمانهم بما وعد الله ورسوله.
54-"وما منعهم أن تقبل منهم"، قرأ حمزة و الكسائي: "يقبل" بالياء لتقدم الفعل، وقرأ الباقون بالتاء لأن الفعل مسند إلى جمع مؤنث وهو النفقات، فأنت الفعل ليعلم أن الفاعل مؤنث، "نفقاتهم"، صدقاتهم، "إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله"، أي: المانع من قبول نفقاتهم كفرهم، "ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى"، متثاقلون لأنهم لا يرجون على أدائها ثوابا، ولا يخافون على تركها عقابا، فإن قيل: كيف ذم الكسل في الصلاة ولا صلاة لهم أصلا؟ قيل: الذم واقع على الكفر الذي يبعث على الكسل، فإن الكفر مكسل، والإيمان منشط، "ولا ينفقون إلا وهم كارهون"، لأنهم يعدونها مغرما ومنعها مغنما.
54."وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله " أي وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم . وقرأ حمزة والكسائي (أن يقبل ) بالياء لأن تأنيث النفقات غير حقيقي. وقرئ (يقبل ) على أن الفعل لله . " ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى " متثاقلين . " ولا ينفقون إلا وهم كارهون " لأنهم لا يرجون بهما ثواباً ولا يخافون على تركهما عقاباً ..
54. And naught preventeth that their contributions should be accepted from them save that they have disbelieved in Allah and in His messenger, and they come not to worship save as idlers, and pay not (their contribution) save reluctantly.
54 - The only reasons why their contributions are not accepted are: that they reject God and his Apostle; that they come to prayer without earnestness; and that they offer contributions unwillingly.