59 - (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله) من الغنائم ونحوها (وقالوا حسبنا) كافينا (الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله) من غنيمة أخرى ما يكفينا (إنا إلى الله راغبون) أن يغنينا ، وجواب لو لكان خيرا لهم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أن هؤلاء الذين يلمزونك، يا محمد، في الصدقات، رضوا ما أعطاهم الله ورسوله من عطاء، وقسم لهم من قسم، " وقالوا حسبنا الله "، يقول: وقالوا: كافينا الله، " سيؤتينا الله من فضله ورسوله "، يقول: سيعطينا الله من فضل خزائنه، ورسوله من الصدقة وغيرها، " إنا إلى الله راغبون "، يقول: وقالوا: إنا إلى الله نرغب في أن يوسع علينا من فضله، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من صلات الناس والحاجة إليهم.
قوله تعالى: "ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله" جواب لو محذوف، التقدير لكان خيراً لهم.
يقول تعالى: "ومنهم" أي ومن المنافقين "من يلمزك" أي يعيب عليك "في" قسم "الصدقات" إذا فرقتها ويتهمك في ذلك وهم المتهمون المأبونون وهم مع هذا لا ينكرون للدين وإنما ينكرون لحظ أنفسهم ولهذا "فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون" أي يغضبون لأنفسهم, قال ابن جريج: أخبرني داود بن أبي عاصم قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة قسمها هاهنا وههنا حتى ذهبت قال ووراءه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل فنزلت هذه الاية, وقال قتادة في قوله: "ومنهم من يلمزك في الصدقات" يقول: ومنهم من يطعن عليك في الصدقات, وذكر لنا أن رجلاً من أهل البادية حديث عهد بأعرابية أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهباً وفضة فقال يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "ويلك فمن ذا الذي يعدل عليك بعدي ؟" ثم قال نبي الله: "احذروا هذا وأشباهه فإن في أمتي أشباه هذا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم" وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه إنما أنا خازن".
وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد في قصة ذي الخويصرة واسمه حرقوص لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين فقال له: اعدل فإنك لم تعدل فقال: "لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه مقفياً: "إنه يخرج من ضئضىء هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء" وذكر بقية الحديث ثم قال تعالى منبهاً لهم على ما هو خير لهم من ذلك فقال: "ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون" فتضمنت هذه الاية الكريمة أدباً عظيماً وسراً شريفاً حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله والتوكل على الله وحده وهو قوله: "وقالوا حسبنا الله", وكذلك الرغبة إلى الله وحده في التوفيق لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال أوامره وترك زواجره وتصديق أخباره والاقتفاء بآثاره .
59- " ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله " أي ما فرضه الله لهم وما أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقات، وجواب لو محذوف: أي لكان خيراً لهم فإن فيما أعطهم الخير العاجل والآجل "وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله" أي قالوا هذه المقالة عند أن أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو لهم: أي كفانا الله، سيعطينا من فضله ويعطينا رسوله بعد هذا ما نرجوه ونؤمله "إنا إلى الله راغبون" في أن يعطينا من فضله ما نرجوه.
59-"ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله"، أي: قنعوا بما قسم لهم الله ورسوله "وقالوا حسبنا الله"، كافينا الله، "سيؤتينا الله من فضله ورسوله"، ما نحتاج إليه "إنا إلى الله راغبون"، في أن يوسع علينا من فضله، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من أموال الناس. وجواب"لو" محذوف أي: لكان خيرا لهم وأعود عليهم.
59."ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله" ما أعطاهم الرسول من الغنيمة أو الصدقة ، وذكر الله للتعظيم وللتنبيه على أن ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام كان بأمره . "وقالوا حسبنا الله" كفانا فضله "سيؤتينا الله من فضله" صدقة أو غنيمة أخرى "ورسوله" فيؤتينا أكثر مما آتانا . "إنا إلى الله راغبون"في أن يغنينا من فضله،والآية بأسرها في حيز الشرط،والجواب بمحذوف تقديره "خيراً لهم" ثم بين مصارف الصدقات تصويباً وتحقيقاً لما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم فقال :
59. (How much more seemly) had they been content with that which Allah and His messenger had given them and had said : Allah sufficeth us. Allah will give us of His bounty, and (also) His messenger. Unto Allah we are suppliants.
59 - if only they had been content with what God and his Apostle gave them, and had said, sufficient unto us is God and his Apostle will soon give us of his bounty: to God do we turn our hops (that would have been the right course).