6 - (ثم رددنا لكم الكرة) الدولة والغلبة (عليهم) بعد مائة سنة بقتل جالوت (وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) عشيرة
يقول تعالى ذكره : ثم أدلناكم يا بني إسرائيل على هؤلاء القوم الذين وصفهم جل ثناؤه أنه يبعثهم عليهم ، وكانت تلك الإدالة والكرة لهم عليهم ، فيما ذكر السدي في خبره أن بني إسرائيل غزوهم ، وأصابوا منهم ، واستنقذوا ما في أيديهم منهم . وفي قول آخرين : إطلاق الملك الذي غزاهم ما في يديه من أسراهم ، ورد ما كان أصاب من أموالهم عليهم من غير قتال . وفي قول ابن عباس الذي رواه عطية عنه هي إدالة الله إياهم من عدوهم جالوت حتى قتلوه ، وقد ذكرنا كل ذلك باسانيده فيما مضى . "وأمددناكم بأموال وبنين" يقول : وزدنا فيما أعطيناكم من الأموال والبنين.
وقوله "وجعلناكم أكثر نفيرا" يقول : وصيرناكم أكثر عدد نافر منهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التاويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "وجعلناكم أكثر نفيرا" : أي عددا ، وذلك في زمن داود .
حدثني موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عنالسدي " وجعلناكم أكثر نفيرا" يقول : عددا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " ثم رددنا لكم الكرة عليهم " لبني إسرائيل ، بعد أن كانت الهزيمة، وانصرف الاخرون عنهم " وجعلناكم أكثر نفيرا" قال : جعلناكم بعد هذا أكثرعددا .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر ، عن قتادة " ثم رددنا لكم الكرة عليهم " ثم رددت الكرة لبني إسرائيل .
حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن سفيان ، في قوله " وأمددناكم بأموال وبنين " قال : أربعة آلاف.
قوله تعالى : " ثم رددنا لكم الكرة عليهم " أي الدولة والرجعة ، وذلك لما تبتم وأطعتم . ثم قيل : ذلك بقتل داود جالوت أو بقتل غيره على الخلاف في من قتلهم . " وأمددناكم بأموال وبنين " حتى عاد أمركم كما كان . " وجعلناكم أكثر نفيرا " أي أكثر عددا ورجالا من عدوكم . والنفير من نفر مع الرجل من عشيرته ح يقال : نفير ونافر مثل قدير وقادر . ويجوز أن يكون النفير جمع نفر كالكبب والمعيز والعبيد ، قال الشاعر :
فأكرم بقحطان من والد وحمير أكرم بقوم نفيرا
والمعنى : أنهم صاروا بعد هذا الوقعة الأولى أكثر انضماما وأصلح أحوالا ن جزاء من الله تعالى لهم على عودهم إلى الطاعة .
يخبر تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب, أي تقدم إليهم وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين, ويعلون علواً كبيراً, أي يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس, كقوله تعالى: "وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين" أي تقدمنا إليه, وأخبرناه بذلك, وأعلمناه به. وقوله "فإذا جاء وعد أولاهما" أي أولى الإفسادتين "بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد" أي سلطنا عليكم جنداً من خلقنا أولي بأس شديد¹ أي قوة وعدة وسلطنة شديدة, فجاسوا خلال الديار, أي تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم, أي بينها ووسطها, وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحداً وكان وعداً مفعولاً. وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم من هم ؟ فعن ابن عباس وقتادة أنه جالوت الجزري وجنوده, سلط عليهم أولاً ثم أديلوا عليه بعد ذلك. وقتل داود جالوت, ولهذا قال "ثم رددنا لكم الكرة عليهم" الاية, وعن سعيد بن جبير أنه ملك الموصل سنجاريب وجنوده. وعنه أيضاً وعن غيره أنه بختنصر ملك بابل. وقد ذكر ابن أبي حاتم له قصة عجيبة في كيفية ترقيه من حال إلى حال إلى أنه ملك البلاد, وأنه كان فقيراً مقعداً ضعيفاً يستعطي الناس ويستطعمهم, ثم آل به الحال إلى ما آل, وأنه سار إلى بلاد بيت المقدس فقتل بها خلقاً كثيراً من بني إسرائيل, وقد روى ابن جرير في هذا المكان حديثاً أسنده عن حذيفة مرفوعاً مطولاً, وهو حديث موضوع لا محالة, لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث, والعجب كل العجب كيف راج عليه مع جلالة قدره وإمامته, وقد صرح شيخنا الحافظ العلامة أبو الحجاج المزي رحمه الله بأنه موضوع مكذورب, وكتب ذلك على حاشية الكتاب. وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية لم أر تطويل الكتاب بذكرها, لأن منها ما هو موضوع ومن وضع بعض زنادقتهم, ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحاً, ونحن في غنية عنها, ولله الحمد. وفيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله, ولم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم. وقد أخبره الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا, سلط الله عليهم عدوهم فاستباح بيضتهم, وسلك خلال بيوتهم, وأذلهم وقهرهم جزاء وفاقاً, وما ربك بظلام للعبيد, فإنهم كانوا قد تمردوا وقتلوا خلقاً من الأنبياء والعلماء. وقد روى ابن جرير حدثني يونس بن عبد الأعلى , حدثنا ابن وهب , أخبرني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ظهر بختنصر على الشام, فخرب بيت المقدس وقتلهم, ثم أتى دمشق فوجد بها دماً يغلي على كبار فسألهم, ما هذا الدم ؟ فقالوا: أدركنا آباءنا على هذا, وكلما ظهر عليه الكبار ظهر, قال: فقتل على ذلك الدم سبعين ألفاً من المسلمين وغيرهم, فسكن, وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيب , وهذا هو المشهور, وأنه قتل أشرافهم وعلماءهم حتى إنه لم يبق من يحفظ التوراة, وأخذ منهم خلقاً كثيراً أسرى من أبناء الأنبياء وغيرهم, وجرت أمور وكوائن يطول ذكرها, ولو وجدنا ما هو صحيح أو ما يقاربه لجاز كتابته وروايته, والله أعلم. ثم قال تعالى: "إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها" أي فعليها, كما قال تعالى: "من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها". وقوله: " فإذا جاء وعد الآخرة " أي الكرة الاخرة, أي إذا أفسدتم الكرة الثانية وجاء أعداؤكم "ليسوءوا وجوهكم" أي يهينوكم ويقهروكم, "وليدخلوا المسجد" أي بيت المقدس "كما دخلوه أول مرة" أي في التي جاسوا فيها خلال الديار, "وليتبروا" أي يدمروا ويخربوا "ما علوا" أي ما ظهروا عليه "تتبيراً * عسى ربكم أن يرحمكم" أي فيصرفهم عنكم, "وإن عدتم عدنا" أي متى عدتم إلى الإفساد "عدنا" إلى الإدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الاخرة من العذاب والنكال, ولهذا قال: "وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً" أي مستقراً ومحصراً وسجناً لا محيد لهم عنه. قال ابن عباس : حصيراً أي سجناً. وقال مجاهد : يحصرون فيها, وكذا قال غيره, وقال الحسن : فرشاً ومهاداً. وقال قتادة : قد عاد بنو إسرائيل, فسلط الله عليهم هذا الحي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه, يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون.
6- "ثم رددنا لكم الكرة عليهم" أي الدولة والغلبة والرجعة وذلك عند توبتهم. قيل وذلك حين قتل داود جالوت، وقيل حين قتل بختنصر "وأمددناكم بأموال وبنين" بعد نهب أموالكم وسبي أبنائكم حتى عاد أمركم كما كان "وجعلناكم أكثر نفيراً" قال أبو عبيدة: النفير العدد من الرجال، فالمعنى: أكثر رجالاً من عدوكم. والنفير من ينفر مع الرجل من عشيرته، يقال نفير ونافر مثل قدير وقالدر، ويجوز أن يكون النفير جمع نفر.
6 - " ثم رددنا لكم الكرة " ، يعني : الرجعة والدولة ، " عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً " ، عدداً ، أي : من ينفر معهم وعاد البلد أحسن مما كان .
6."ثم رددنا لكم الكرة"أي الدولة والغلبة . "عليهم"على الذين بعثوا عليكم ، وذلك بأن ألقى الله في قلوب بهمن بن اسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم ، فرد أسراهم إلى الشام وملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من أتباع بختنصر، أو بأن سلط الله داود عليه الصلاة والسلام على جالوت فقتله."وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً"مما كنتم ، والنفير من ينفر مع الرجل من قومه وقيل جمع نفر وهم المجتمعون للذهاب إلى العدو.
6. Then we gave you once again your turn against them, and We aided you with wealth and children and made you more in soldiery,
6 - Then did we grant you the return as against them: we gave you increase in resources and sons, and made you the more numerous in man power.