60 - (فتولى فرعون) أدبر (فجمع كيده) أي ذوي كيده من السحرة (ثم أتى) بهم الموعد
وقوله "فتولى فرعون" يقول تعالى ذكره : فأدبر فرعون معرضاً عما أتاه به من الحق "فجمع كيده" يقول : فجمع مكره ، وذلك جمعه سحرته بعد أخذه إياهم بتعلمه ، "ثم أتى" يقول ، ثم جاء كل للموعد الذي وعده موسى، وجاء بسحرته.
قوله تعالى: " فتولى فرعون فجمع كيده " أي حيله وسحره، والمراد جمع السحرة. قال ابن عباس: كانوا اثنين وسبعين ساحراً، مع كل ساحر منهم حبال وعصي. وقيل: كانوا أربعمائة. وقيل: كانوا اثني عشر ألفاً. وقيل: أربعة عشر ألفاً. وقال ابن المنكدر: كانوا ثمانين ألفاً. وقيل: كانوا مجمعين على رئيس يقال له شمعون. وقيل: كان اسمه يوحنا معه اثنا عشر نقيباً، مع كل نقيب عشرون عريفاً، مع كل عريف ألف ساحر. وقيل: كانوا ثلاثمائة ألف ساحر من الفيوم، وثلاثمائة ألف ساحر من الصعيد، وثلاثمائة ألف ساحر من الريف، فصاروا تسعمائة ألف، وكان رئيسهم أعمى. " ثم أتى " أي أتى الميعاد.
يقول تعالى مخبراً عن فرعون أنه لما تواعد هو وموسى عليه السلام إلى وقت ومكان معلومين تولى, أي شرع في جمع السحرة من مدائن ممكلته, كل من ينسب إلى السحر في ذلك الزمان, وقد كان السحر فيهم كثيراً نافقاً جداً, كما قال تعالى: "وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم" ثم أتي. أي اجتمع الناس لميقات يوم معلوم وهو يوم الزينة, وجلس فرعون على سرير مملكته, واصطف له أكابر دولته, ووقفت الرعايا يمنة ويسرة, وأقبل موسى عليه الصلاة والسلام متوكئاً على عصاه ومعه أخوه هارون, ووقف السحرة بين يدي فرعون صفوفاً, وهو يحرضهم ويحثهم ويرغبهم في إجادة عملهم في ذلك اليوم, ويتمنون عليه وهو يعدهم ويمنيهم, يقولون " أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين " "قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً" أي لا تخيلوا للناس بأعمالكم إيجاد أشياء لا حقائق لها وأنها مخلوقة, وليست مخلوقة, فتكونون قد كذبتم على الله "فيسحتكم بعذاب" أي يهلككم بعقوبة هلاكاً لا بقية له " وقد خاب من افترى * فتنازعوا أمرهم بينهم " قيل معناه أنهم تشاجروا فيما بينهم, فقائل يقول ليس هذا بكلام ساحر إنما هذا كلام نبي, وقائل يقول بل هو ساحر, وقيل غير ذلك, والله أعلم.
وقوله: "وأسروا النجوى" أي تناجوا فيما بينهم " قالوا إن هذان لساحران " وهذه لغة لبعض العرب, جاءت هذه القراءة على إعرابها, ومنهم من قرأ " إن هذان لساحران " وهذ اللغة المشهورة, وقد توسع النحاة في الجواب عن القراءة الأولى بما ليس هذا موضعه. والغرض أن السحرة قالوا فيما بينهم: تعلمون أن هذا الرجل وأخاه ـ يعنون موسى وهارون ـ ساحران عالمان, خبيران بصناعة السحر, يريدان في هذا اليوم أن يغلباكم وقومكم ويستوليا على الناس, وتتبعهما العامة, ويقاتلا فرعون وجنوده, فينصرا عليه, ويخرجاكم من أرضكم.
وقوله: "ويذهبا بطريقتكم المثلى" أي ويستبدا بهذه الطريقة وهي السحر, فإنهم كانوا معظمين بسببها لهم أموال وأرزاق عليها, يقولون: إذا غلب هذان أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض, وتفردا بذلك وتمحضت لهما الرياسة بها دونكم, وقد تقدم في حديث الفتون أن ابن عباس قال في قوله: "ويذهبا بطريقتكم المثلى" يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا نعيم بن حماد , حدثنا هشيم عن عبد الرحمن بن إسحاق , سمع الشعبي يحدث عن علي في قوله: "ويذهبا بطريقتكم المثلى" قال: يصرفا وجوه الناس إليهما.
وقال مجاهد "ويذهبا بطريقتكم المثلى" قال: أولو الشرف والعقل والأسنان. وقال أبو صالح : بطريقتكم المثلى أشرافكم وسرواتكم. وقال عكرمة : بخيركم. وقال قتادة : وطريقتهم المثلى يومئذ بنو إسرائيل, وكانوا أكثر القوم عدداً وأمولاً, فقال عدو الله يريدان أن يذهبا بها لأنفسهما. وقال عبد الرحمن بن زيد : بطريقتكم المثلى بالذي أنتم عليه. "فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفاً" أي اجتمعوا كلكم صفاً واحداً, وألقوا ما في أيديكم مرة واحدة لتبهروا الأبصار, وتغلبوا هذا وأخاه "وقد أفلح اليوم من استعلى" أي منا ومنه, أما نحن فقد وعدنا هذا الملك العطاء الجزيل, وأما هو فينال الرياسة العظيمة.
قوله: 60- "فتولى فرعون" أي انصرف من ذلك المقام ليهيء ما يحتاج إليه مما تواعدا عليه، وقيل معنى أعرض عن الحق، والأول أولى "فجمع كيده" أي جمع ما يكيد به من سحره وحيلته، والمراد أنه جمع السحرة، قيل كانوا اثنين وسبعين، وقيل أربعمائة، وقيل إثنا عشر ألفاً، وقيل أربعة عشر ألفاً، وقال ابن المنذر: كانوا ثمانين ألفاً "ثم أتى" أي أتى الموعد الذي تواعدا إليه مع جمعه الذي جمعه.
60. " فتولى فرعون فجمع كيده "، مكره وحيلته وسحرته، " ثم أتى "، الميعاد.
60ـ " فتولى فرعون فجمع كيده " ما يكاد به يعني السحرة وآلاتهم . " ثم أتى " الموعد .
60. Then Pharaoh went and gathered his strength came (to the appointed tryst).
60 - So pharaoh withdrew: he concerted his plan, and then came (back).