61 - واذكر (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) سجود تحية بالانحناء (فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا) نصب بنزع الخافض أي من طين
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد تمادي هؤلاء المشركين في غيهم وارتدادهم عتواً على ربهم بتخويفه إياهم تحقيقهم قول عدوهم وعدو والدهم ، حين أمره ربه بالسجود له فعصاه وأبى السجود له ، حسدا واستكبارا " لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً " وكيف صدقوا ظنه فيهم ، وخالفوا أمر ربهم وطاعته ، واتبعوا أمر عدوهم وعدو والدهم .
ويعني بقوله : " وإذ قلنا للملائكة " : واذكر إذ قلنا للملائكة " اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس " فإنه استكبر وقال " أأسجد لمن خلقت طيناً " يقول : لمن خلقته من طين ، فلما حذفت من تعلق به قوله " خلقت " فنصب . يفتخر عليه الجاهل بأنه خلق من نار، وخلق آدم من طين.
كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : بعث رب العزة تبارك وتعالى إبليس ، فاخذ من أديم الأرض ، من عذبها وملحها ، فخلق منه آدم ، فكل شيء خلق من عذبها فهو صائر إلى السعادة وإن كان ابن كافرين ، وكل شيء خلقه من ملحها فهو صائر إلى الشقاوة وإن كان ابن نبيين ، ومن ثم قال إبليس " أأسجد لمن خلقت ،طيناً " أي : هذه الطينة أنا جئت بها . ومن ثم سمي آدم ، لأنه خلق من أديم الأرض .
قوله تعالى: "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم" تقدم ذكر كون الشيطان عدو الإنسان، فانجر الكلام إلى ذكر آدم. والمعنى: اذكر بتمادي هؤلاء المشركين وعتوهم على ربهم قصة إبليس حين عصى ربه وأبى السجود، وقال ما قال، وهو ما أخبر الله تعالى في قوله تعالى: "فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا" أي من طين. وهذا استفهام إنكار. وقد تقدم القول في خلق آدم في البقرة، والأنعام مستوفىً.
يذكر تبارك وتعالى عداوة إبليس لعنه الله وذريته وأنها عداوة قديمة منذ خلق آدم فإنه تعالى أمر الملائكة بالسجود لادم فسجدوا كلهم إلا إبليس استكبر وأبى أن يسجد له افتخاراً عليه واحتقاراً له "قال أأسجد لمن خلقت طيناً" كما قال في الاية الأخرى "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين" وقال أيضاً أرأيتك يقول للرب جراءة وكفراً والرب يحلم وينظر " قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي " الاية, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول لأستولين على ذريته إلا قليلاً وقال مجاهد لأحتوين وقال ابن زيد لأضلنهم وكلها متقاربة والمعنى أرأيتك هذا الذي شرفته وعظمته علي لإن أنظرتني لأضلن ذريته إلا قليلاً منهم.
لما ذكر سبحانه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في بلية عظيمة من قومه ومنحة شديدة أراد أن يبين أن جميع الأنبياء كانوا كذلك، حتى أن هذه عادة قديمة سنها إبليس اللعين، وأيضاً لما ذكر أن الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ذكر ها هنا ما يحقق ذلك فقال: 61- "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم" هذه القصة قد ذكرها الله سبحانه في سبعة مواضع: في البقرة، والأعراف، والحجر، وهذه السورة، والكهف، وطه، وص، وقد تقدم تفسيرها مبسوطاً فلنقتصر ها هنا على تفسير ما لم يتقدم ذكره من الألفاظ، فقوله: "طيناً" منتصب بنزع الخافض: أي من طين، أو على الحال. قال الزجاج المعنى لمن خلقته طيناً، وهو منصوب على الحال.
61 - " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً " أي : خلقته من طين أنا جئت به ، وذلك ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن الله تعالى بعث إبليس حتى أخذ كفاً من تراب الأرض من عذبها وملحها ، فخلق منه آدم ، فمن خلقه من العذب فهو سعيد ، وإن كان ابن كافرين ، ومن خلقه من الملح فهو شقي وإن كان ابن نبيين .
61."وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً"لمن خلقته من طين ، فنصب بنزع الخافض، ويجوز أن يكون حالاً من الراجع إلى الموصول أي خلقته وهو طين ، أو منه أي أأسجد له وأصله طين . وفيه على الوجوه الثلاثة إيماء بعلة الإنكار.
61. And when We said unto the angels: Fall down prostrate before Adam and they fell prostrate all save Ibis, he said: Shall I fall prostrate before that which Thou hast created of clay?
61 - Behold we said to the angels: bow down unto Adam: they bowed down except Iblis: he said, shall I bow down to one whom thou didst create from clay?