61 - (ذلك) النصر (بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) أي يدخل كلا منهما في الآخر بأن يزيد به ذلك من أثر قدرته تعالى التي بها النصر (وأن الله سميع) دعاء المؤمنين (بصير) بهم حيث جعل فيهم الإيمان فأجاب دعاءهم
يعني تعالى ذكره بقوله : " ذلك " هذا النصر الذي أنصره على من بغي عليه على الباغي ،لأني القادر على ما أشاء ، فمن قدرته أن الله يولج الليل في النهار ،يقول : يدخل ما ينقص من ساعات الليل في ساعات النهار ، فما نقص من هذا زاد في هذا " ويولج النهار في الليل " و يدخل ما انتقص من ساعات النهار في ساعات الليل ، فما نقص من طول هذا ، زاد في طول هذا ، و بالقدرة التي تفعل ذلك ينصر محمدا صلى الله عليه و سلم و أصحابه على الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم و أموالهم " وأن الله سميع بصير " يقول : و فعل ذلك أيضا بأنه ذو سمع لما يقولون من قول ، لا يخفى عليه منه شيء ، بصير بما يعملون ،لا يغيب عنه منه شيء ،كل ذلك منه بمرأى و مسمع ،و هو الحافظ لكل ذلك ، حتى يجازي جميعهم على ما قالوا و عملوا من قول و عمل جزاءه
قوله تعالى: "ذلك بأن الله يولج الليل في النهار " أي ذلك الذي قصصت عليك من نصر المظلوم هو بأني أنا الذي أولج الليل في النهار فلا يقدر أحد على ما أقدر عليه، أي من قدر على هذا قدر على أن ينصر عبده. وقد مضى في ((آل عمران)) معنى يولج الليل في النهار. " وأن الله سميع بصير " يسمع الأقوال ويبصر الأفعال، فلا يعزب عنه مثقال ذرة ولا دبيب نملة إلا يعلمها ويسمعها ويبصرها.
يقول تعالى منبهاً على أنه الخالق المتصرف في خلقه بما يشاء, كما قال: "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير * تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب" ومعنى إيلاجه الليل في النهار والنهار في الليل إدخاله من هذا في هذا ومن هذا في هذا, فتارة يطول الليل ويقصر النهار كما في الشتاء, وتارة يطول النهار ويقصر الليل كما في الصيف.
وقوله: "وأن الله سميع بصير" أي سميع بأقوال عباده. بصير بهم, لا يخفى عليه منهم خافية في أحوالهم وحركاتهم وسكناتهم, ولما بين أنه المتصرف في الوجود, الحاكم الذي لامعقب لحكمه قال: "ذلك بأن الله هو الحق" أي الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له, لأنه ذو السلطان العظيم الذي ما شاء كان, وما لم يشأ لم يكن, وكل شيء فقير إليه, ذليل لديه "وأن ما يدعون من دونه هو الباطل" أي من الأصنام والأنداد والأوثان, وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل, لأنه لا يملك ضراً ولا نفعاً. وقوله: "وأن الله هو العلي الكبير" كما قال "وهو العلي العظيم" وقال: "الكبير المتعال" فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته, لا إله إلا هو, ولا رب سواه, لأنه العظيم الذي لا أعظم منه, العلي الذي لا أعلى منه, الكبير الذي لا أكبر منه, تعالى وتقدس وتنزه عز وجل عما يقول الظالمون المعتدون علواً كبيراً.
والإشارة بقوله: 61- "ذلك بأن الله يولج الليل في النهار" إلى ما تقدم من نصر الله سبحانه للمبغي عليه، وهو مبتدأ وخبره جملة بأن الله يولج، والباء للسببية: أي ذلك بسبب أنه سبحانه قادر، ومن كمال قدرته إيلاج الليل في النهار والنهار في الليل، وعبر عن الزيادة بالايلاج، لأن زيادة أحدهما تستلزم نقصان الآخر، والمراد تحصيل أحد العرضين في محل الآخر. وقد مضى في آل عمران معنى هذا الإيلاج "وأن الله سميع" يسمع كل مسموع "بصير" يبصر كل مبصر، أو سميع للأقوال مبصر للأفعال، فلا يعزب عنه مثال ذرة.
61. " ذلك " أي: ذلك النصر " بأن الله "، القادر على ما يشاء، فمن قدرته أنه: " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ".
61ـ " ذلك " أي ذلك النصر . " بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل " بسبب أن الله تعالى قادر على تغليب الأمور بعضها على بعض ، جار عادته على المداولة بين الأشياء المتعاندة ومن ذلك إيلاج أحد الملوين في الآخر ، بأن يزيد فيه ما ينقص منه ، أو بتحصيل ظلمة الليل في مكان ضوء النهار بتغييب الشمس وعكس ذلك باطلاعها . " وأن الله سميع " يسمع قول المعاقب والمعاقب . " بصير " يرى أفعالهما فلا يهملهما .
61. That is because Allah maketh the night to pass into the day and maketh the day to pass into the night, and because Allah is Hearer, Seer.
61 - That is because God merges night into day, and He merges day into night, and verily it is God who hears and sees (all things).