63 - (ولئن) لام قسم (سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله) فكيف يشركون به (قل) لهم (الحمد لله) على ثبوت الحجة عليكم (بل أكثرهم لا يعقلون) تناقضهم في ذلك
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك من نزل من السماء ماء، وهو المطر الذي ينزله الله من السحاب " فأحيا به الأرض " يقول: فأحيا بالماء الذي نزل من السماء الأرض، وإحياؤها: إنباته النبات فيها " من بعد موتها " من بعد جدوبها وقحوطها.
وقوله " ليقولن الله " يقول: ليقولن الذي فعل ذلك الله الذي له عبادة كل شيء. وقوله " قل الحمد لله " يقول: وإذا قالوا ذلك، فقال الحمد لله " بل أكثرهم لا يعقلون " يقول: بل أكثر هؤلاء المشركين بالله لا يعقلون ما لهم فيه النفع من أمر دينهم، وما فيه الضر، فهم لجهلهم يحسبون أنهم لعبادتهم الآلهة دون الله، ينالون بها عند الله زلفة وقربة، ولا يعلمون أنهم هالكون مستوجبون الخلود في النار.
قوله تعالى : " ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء " أي من السحاب مطراً . " فأحيا به الأرض من بعد موتها " أي حدبها وقحط أهلها . " ليقولن الله " أي فإذا أقررتم بذلك فلم تشركون به وتنظرون الإعادة . وإذا قدر على ذلك فهو القادر على إغناء المؤمنين ، فكرر تأكيداً . " قل الحمد لله " أي على ما أوضح من الحجج والبراهين على قدرته " بل أكثرهم لا يعقلون " أي لا يتدبرون هذه الحجج . وقيل : " الحمد لله " على إقرارهم بذلك . وقيل ت: على إنزال الماء وإحياء الأرض .
يقول تعالى مقرراً أنه لا إله إلا هو, لأن المشركين الذين يعبدون معه غيره معترفون بأنه المستقل بخلق السموات والأرض والشمس والقمر وتسخير الليل والنهار, وأنه الخالق الرازق لعباده ومقدر آجالهم, واختلافها واختلاف أرزاقهم, فتفاوت بينهم, فمنهم الغني والفقير وهو العليم بما يصلح كلاً منهم, ومن يستحق الغنى ممن يستحق الفقر, فذكر أنه المستقل بخلق الأشياء المتفرد بتدبيرها, فإذا كان الأمر كذلك, فلم يعبد غيره ؟ ولم يتوكل على غيره ؟ فكما أنه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته, وكثيراً ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية. وقد كان المشركون يعترفون بذلك, كما كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك, إلا شريكاً هو لك, تملكه وما ملك.
63- "ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله" أي نزله وأحيا به الأرض الله، يعترفون بذلك لا يجدون إلى إنكاره سبيلاً. ثم لما اعترفوا هذا الاعتراف في هذه الآيات، وهو يقتضي بطلان ما هم عليه من الشرك وعدم إفراد الله سبحانه بالعبادة، أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحمد الله على إقرارهم وعدم جحودهم مع تصلبهم في العناد وتشددهم في رد كل ما جاء به رسول الله من التوحيد فقال: "قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون" أي أحمد الله على أن جعل الحق معك، وأظهر حجرك عليهم، ثم ذمهم فقال: "بل أكثرهم لا يعقلون" الأشياء التي يتعلقها العقلاء. فلذلك لا يعملون بمقتضى ما اعترفوا به مما يستلزم بطلان ما هم عليه عند كل عاقل.
63- "ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله، قل الحمد لله"، على أن الفاعل لهذه الأشياء هو الله، "بل أكثرهم لا يعقلون"، وقيل: قل الحمد لله على إقرارهم لزوم الحجة عليهم، "بل أكثرهم لا يعقلون"، ينكرون التوحيد مع إقرارهم بأنه الخالق لهذه الأشياء.
63ـ " ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله " معترفين بأنه الموجد للمكنات بأسرها أصولها وفروعها ، ثم إنهم يشركون به بعض مخلوقاته الذي لا يقدر على شيء من ذلك . " قل الحمد لله " على ما عصمك من مثل هذه الضلالة ، أو على تصديقك وإظهار حجتك . " بل أكثرهم لا يعقلون " فيتناقضون حيث يقرون بأنه المبدئ لكل ما عداه ثم إنهم يشركون به الصنم ، وقيل لا يعقلون ما تريد بتحميدك عند مقالهم .
63. And if thou wert to ask them: Who causeth water to come down from the sky, and therewith reviveth the earth after its death? they verily would say: Allah. Say: Praise be to Allah! But most of them have no sense.
63 - And if needed thou ask them who it is that sends down rain from the sky, and gives life therewith to the earth after its death, They will certainly reply, God! Say, Praise be to God! but most of them understand not.