67 - (هو الذي خلقكم من تراب) بخلق أبيكم آدم منه (ثم من نطفة) مني (ثم من علقة) دم غليظ (ثم يخرجكم طفلا) بمعنى أطفالا (ثم) يبقيكم (لتبلغوا أشدكم) تكامل قوتكم من الثلاثين سنة إلى الأربعين (ثم لتكونوا شيوخا) بضم الشين وكسرها (ومنكم من يتوفى من قبل) قبل الأشد والشيخوخة فعل ذلك بكم لتعيشوا (ولتبلغوا أجلا مسمى) وقتا محدودا (ولعلكم تعقلون) دلائل التوحيد فتؤمنوا
يقول تعالى ذكره آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بتنبيه مشركي قومه على حججه عليهم في وحدانيته : قل يا محمد لقومك : أمرت أن أسلم لرب العالمين الذي صفته هذه الصفات ، وهي أنه خلق أباكم آدم " من تراب ثم " خلقكم " من نطفة ثم من علقة " بعد أن كنتم نطفاً " ثم يخرجكم طفلاً " من بطون أمهاتكم صغاراً ، " ثم لتبلغوا أشدكم " ، فتتكامل قواكم ، ويتناهى شبابكم ، وتمام خلقكم شيوخاً " ومنكم من يتوفى من قبل " أن يبلغ الشيخوخة " ولتبلغوا أجلاً مسمى " يقول : ولتبلغوا ميقاتاً مؤقتاً لحياتكم ، وأجلاً محدوداً لا تجاوزونه ، ولا تتقدمون قبله " ولعلكم تعقلون " يقول : وكي تعقلوا حجج الله عليكم بذلك ، وتتدبروا آياته فتعرفوا بها أنه لا إله غيره فعل ذلك .
قوله تعالى : " هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً " أي أطفالاً . وقد تقدم هذا . " ثم لتبلغوا أشدكم " وهي حالة اجتماع القوة وتمام العقل . وقد مضى في ( الأنعام ) بيانه . " ثم لتكونوا شيوخا" بضم الشين قراءة نافع و ابن محيصن و حفص و هشام و يعقوب و أبو عمرو على الأصل ، لأنه جمع فعل ، نحو : قلب وقلوب ورأس ورؤوس . وقرأ الباقون بكسر الشين لمراعاة الياء وكلا هما جمع كثرة ، وفي العدد القليل أشياخ والأصل أشيخ ، مثل فلس وأفلس إلا أن الحركة في الياء ثقيلة . وقرئ . ( شيخاً ) على التوحيد ، كقوله : ( طفلاً ) والمعنى كل واحد منكم ، واقتصر على الواحد لأن الغرض بيان الجنس . وفي الصحاح : جمع الشيخ شيوخ وأشياخ وشيخة وشيخان ومشيخة ومشايخ ومشيوخاء ، والمرأة شيخة . قال عبيد :
كأنها شيخة رقوب
وقد شاخ الرجل يشيخ شيخا بالتحريك على أصله وشيخوخة ، وأصل الياء متحركة فسكنت ، لأنه ليس في الكلام فعلول . وشيخ تشييخاً أي شاخ . [ وشيخته ] دعوته شيخاً للتبجيل. وتصغير الشيخ شييخ وشييخ أيضاً بكسر الشين ولا تقل شويخ النحاس : وإن اضطر شاعر جاز أن يقول أشيخ مثل عين وأعين إلا أنه حسن في عين ، لأنها مؤنثة . والشيخ من جاوز أربعين سنة . " ومنكم من يتوفى من قبل " قال مجاهد : أي من قبل أن يكون شيخاً ، أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سقطاً . " ولتبلغوا أجلا مسمى " قال مجاهد : الموت للكل . واللام لام العاقبة . " ولعلكم تعقلون " ذلك فتعلموا أن لا إله غيره .
يقول تبارك وتعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين إن الله عز وجل ينهى أن يعبد أحد سواه من الأصنام والأنداد والأوثان وقد بين تبارك وتعالى أنه لا يستحق العبادة أحد سواه في قوله جلت عظمته: "هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً" أي هو الذي يقلبكم في هذه الأطوار كلها وحده لا شريك له وعن أمره وتدبيره وتقديره يكون ذلك "ومنكم من يتوفى من قبل" أي من قبل أن يوجد ويخرج إلى هذا العالم بل تسقطه أمه سقطاً ومنهم من يتوفى صغيراً وشاباً وكهلاً قبل الشيخوخة كقوله تعالى: "لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى" وقال عز وجل ههنا: "ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون" قال ابن جريج تتذكرون البعث ثم قال تعالى: "هو الذي يحيي ويميت" أي هو المتفرد بذلك لا يقدر على ذلك أحد سواه "فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون" أي لا يخالف ولا يمانع بل ما شاء كان لا محالة.
ثم أردف هذا بذكر دليل من الأدلة على التوحيد فقال: "هو الذي خلقكم من تراب" أي خلق أباكم الأول، وهو آدم، وخلقه من تراب يستلزم خلق ذريته منه "ثم من نطفة ثم من علقة" قد تقدم تفسير هذا في غير موضع "ثم يخرجكم طفلاً" أي أطفالاً، وأفرده لكونه اسم جنس، أو على معنى يخرج كل واحد منكم طفلاً "ثم لتبلغوا أشدكم" وهي الحالة التي تجتمع فيها القوة والعقل، وقد سبق بيان الأشد مستوفى في الأنعام، واللام التعليلية في لتبلغوا غاية الكمال، وقوله: "ثم لتكونوا شيوخاً" معطوف على لتبلغوا، قرأ نافع وحفص وأبو عمرو وابن محيصن وهشام "شيوخاً" بضم الشين، وقرأ الباقون بكسرها، وقرئ شيخاً على الإفراد لقوله طفلاً، والشيخ من جاوز الأربعين سنة "ومنكم من يتوفى من قبل" أي من قبل الشيخوخة "ولتبلغوا أجلاً مسمى" أي وقت الموت أو يوم القيامة، واللام هي لام العاقبة "ولعلكم تعقلون" أي لكي تعقلوا توحيد ربكم وقدرته البالغة في خلقكم على هذه الأطوار المختلفة.
67. " هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً "، أي: أطفالاً، " ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً، ومنكم من يتوفى من قبل "، أي: من قبل أن يصير شيخاً، " ولتبلغوا "، جميعاً، " أجلاً مسمىً "، وقتاً معلوماً محدوداً لا تجاوزونه، يريد أجل الحياة إلى الموت، " ولعلكم تعقلون "، أي: لكي تعقلوا توحيد ربكم وقدرته.
67-" هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً " أطفالاً ، والتوحيد لإرادة الجنس أو على تأويل كل واحد منكم . " ثم لتبلغوا أشدكم " اللام فيه متعلقة بمحذوف تقديره : ثم يبقيكم لتبلغوا وكذا في قوله : " ثم لتكونوا شيوخاً " ويجوز عطفه على " لتبلغوا " وقرأ نافع و أبو عمرو و حفص و هشام شيوخاً بضم الشين ، وقرئ شيخاً كقوله طفلاً . " ومنكم من يتوفى من قبل " من قبل الشيخوخة أو بلوغ الأشد " ولتبلغوا " ويفعل ذلك لتبلغوا : " أجلاً مسمى " هو وقت الموت أو يوم القيامة . " ولعلكم تعقلون " ما في ذلك من الحجج والعبر .
67. He it is Who created you from dust, then from a drop (of seed) then from a clot, then bringeth you forth as a child, then (ordaineth) that ye attain full strength and afterward that ye become old men though some among you die before and that ye reach an appointed term, that haply ye may understand.
67 - It is He who has created you from dust, then from a sperm drop, then from a leech like clot; then does He get you out (into the light) as a child: then lets you (grow and) reach your age of full strength; then lets you become old, though of you there are some who die before; and lets you reach a Term appointed; in order that ye may learn wisdom.