69 - (ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله) القرآن (أنى) كيف (يصرفون) عن الإيمان
وقوله " ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون " يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر يا محمد هؤلاء المشركين من قومك ، الذين يخاصمونك في حجج الله وآياته " أنى يصرفون " يقول : أي وجه يصرفون عن الحق ، ويعدلون عن الرشد .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " أنى يصرفون " : أنى يكذبون ويعدلون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " أنى يصرفون " قال : يصرفون عن الحق .
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية ، فقال بعضهم : عني بها أهل القدر .
ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن بشار ، و محمد بن المثنى ، قالا : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن داود بن أبي هند ، عن محمد بن سيرين ، قال : إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية ، فإني لا أدري فيمن نزلت : " ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون " إلى قوله : " لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين " .
حدثني علي بن سهل ، قال : ثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن سفيان ، عن داود بن أبي هند ، عن ابن سيرين ، قال : إن لم يكن أهل القدر الذين يخوضون في آيات الله فلا علم لنا به .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك بن أبي الخير الزيادي ، عن أبي قبيل ، قال : أخبرني عقبة بن عامر الجهني ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللين ، فقال عقبة : يا رسول الله وما أهل الكتاب ؟ قال : قوم يتعلمون كتاب الله يجادلون الذين آمنوا فقال عقبة : يا رسول الله ، وما أهل اللين ؟ قال : قوم يتبعون الشهوات ، ويضيعون الصلوات " قال أبو قبيل : لا أحسب المكذبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا ، وأما أهل اللين ، فلا أحسبهم إلا أهل العمود ليس عليهم إمام جماعة ، ولا يعرفون شهر رمضان .
وقال آخرون : بل عني به أهل الشرك .
ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون " قال : هؤلاء المشركون .
والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن زيد ، وقد بين الله حقيقة ذلك بقوله : " الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا " .
قوله تعالى : " ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون " قال ابن زيد : هم المشركون بدليل قوله .
يقول تعالى ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات الله ويجادلون في الحق بالباطل كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال "الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا" أي من الهدى والبيان "فسوف يعلمون" هذا تهديد شديد, ووعيد أكيد, من الرب جل جلاله لهؤلاء كما قال تعالى: "ويل يومئذ للمكذبين" وقوله عز وجل: "إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل" أي متصلة بالأغلال بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوههم تارة إلى الحميم وتارة إلى الجحيم ولهذا قال تعالى: " يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون " كما قال تبارك وتعالى: " هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن " وقال تعالى بعد ذكر أكلهم الزقوم وشربهم الحميم: " وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال * في سموم وحميم * وظل من يحموم * لا بارد ولا كريم * إنهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الحنث العظيم * وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون * قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم * ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون * فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم * هذا نزلهم يوم الدين " وقال عز وجل: " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم * إن هذا ما كنتم به تمترون " أي يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ والتحقير والتصغير والتهكم والاستهزاء بهم, قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين حدثنا أحمد بن منيع حدثنا منصور بن عمار حدثنا بشير بن طلحة الخزامي عن خالد بن دريك عن يعلى بن منبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينشىء الله عز وجل سحابة لأهل النار سوداء مظلمة ويقال يا أهل النار أي شيء تطلبون ؟ فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون نسأل بارد الشراب فتمطرهم أغلالاً تزيد في أغلالهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمراً يلهب النار عليهم" هذا حديث غريب. وقوله تعالى: " ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون * من دون الله " أي قيل لهم أين الأصنام التي كنتم تعبدونها من دون الله هل ينصرونكم اليوم "قالوا ضلوا عنا" أي ذهبوا فلم ينفعونا " بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا " أي جحدوا عبادتهم كقوله جلت عظمته: "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين" ولهذا قال عز وجل: "كذلك يضل الله الكافرين". وقوله: "ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون" أي تقول لهم الملائكة هذا الذي أنتم فيه جزاء على فرحكم في الدنيا بغير حق ومرحكم وأشركم وبطركم "ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين" أي فبئس المنزل والمقيل الذي فيه الهوان والعذاب الشديد لمن استكبر عن آيات الله واتباع دلائله وحججه, والله أعلم.
ثم عجب سبحانه من أحوال المجادلين في آيات الله فقال: 69- "ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله" وقد سبق بيان معنى المجادلة "أنى يصرفون" أي كيف يصرفون عنها مع قيام الأدلة الدالة على صحتها، وأنها في أنفسها موجبة للتوحيد. قال ابن زيد: هم المشركون بدليل قوله: "الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا" قال القرطبي: وقال أكثر المفسرين نزلت في القدرية. قال ابن سيرين: إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية فلا أدري فيمن نزلت.
69. " ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله "، يعني: القرآن، يقولون ليس من عند الله، " أنى يصرفون "، كيف يصرفون عن دين الحق. قيل: هم المشركون. وعن محمد بن سيرين وجماعة: أنها نزلت في القدرية.
69-" ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون " عن التصديق به وتكريم ذم المجادلة لتعدد المجادل ، أو المجادل فيه أ و للتأكيد .
69. Hast thou not seen those who wrangle concerning the revelations of Allah, how they are turned away?
69 - Seest thou not those that dispute concerning the Signs of God? How are they turned away (from Reality)?