73 - (وإن ربك لذو فضل على الناس) ومنه تأخير العذاب عن الكفار (ولكن أكثرهم لا يشكرون) فالكفار لا يشكرون تأخير العذاب لانكارهم وقوعه
يقول تعالى ذكره " وإن ربك " يا محمد " لذو فضل على الناس " بتركه معاجلتهم بالعقوبة على معصيتهم إياه، وكفرهم به، وذو إحسان إليهم في ذلك، وفي غيره من نعمه عندهم " ولكن أكثرهم لا يشكرون " ـه على ذلك من إحسانه وفضله عليهم، فيخلصوا له العبادة، ولكنهم يشركون معه في العبادة ما يضرهم ولا ينفعهم ومن لا فضل له عندهم ولا إحسان.
قوله تعالى : " وإن ربك لذو فضل على الناس " في تأخير العقوبة وإدرار الرزق " ولكن أكثرهم لا يشكرون " فضله ونعمه .
يقول تعالى مخبراً عن المشركين في سؤالهم عن يوم القيامة واستبعادهم وقوع ذلك " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " قال الله تعالى مجيباً لهم: "قل" يا محمد "عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون" قال ابن عباس : أن يكون قرب أو أن يقرب لكم بعض الذي تستعجلون, وهكذا قال مجاهد والضحاك وعطاء الخراساني وقتادة والسدي , وهذا هو المراد بقوله تعالى: "ويقولون متى هو ؟ قل عسى أن يكون قريباً" وقال تعالى: " يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " وإنما دخلت اللام في قوله: "ردف لكم" لأنه ضمن معنى عجل لكم, كما قال مجاهد في رواية عنه "عسى أن يكون ردف لكم" عجل لكم.
ثم قال الله تعالى: "وإن ربك لذو فضل على الناس" أي في إسباغه نعمه عليهم مع ظلمهم لأنفسهم وهم مع ذلك لا يشكرونه على ذلك إلا القليل منهم "وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" أي يعلم الضمائر والسرائر كما يعلم الظواهر, "سواء منكم من أسر القول ومن جهر به" "يعلم السر وأخفى" "ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون" ثم أخبر تعالى بأنه عالم غيب السموات والأرض وأنه عالم الغيب والشهادة, وهو ما غاب عن العباد وما شاهدوه, فقال تعالى: "وما من غائبة" قال ابن عباس : يعني وما من شيء "في السماء والأرض إلا في كتاب مبين" وهذه كقوله: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير".
ثم ذكر سبحانه فضله في تأخير العذاب فقال: 73- "وإن ربك لذو فضل على الناس" في تأخير العقوبة، والأولى أن تحمل الآية على العموم ويكون تأخير العقوبة من جملة أفضاله سبحانه وإنعامه "ولكن أكثرهم لا يشكرون" فضله وإنعامه ولا يعرفون حق إحسانه، ثم بين أنه مطلع على ما في صدورهم.
73- "وإن ربك لذو فضل على الناس"، قال مقاتل، على أهل مكة حيث لم يعجل عليهم العذاب، "ولكن أكثرهم لا يشكرون"، ذلك.
73 -" وإن ربك لذو فضل على الناس " لتأخير عقوبتهم على المعاصي ، والفضل والفاضلة الأفضال وجميعها فضول وفواضل . " ولكن أكثرهم لا يشكرون " لا يعرفون حتى النعمة فيه فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه .
73. Lo! thy Lord is full of bounty for mankind, but most of them do not give thanks.
73 - But verily thy Lord is full of grace to mankind: yet most of them are ungrateful.