75 - (قل من كان في الضلالة) شرط جوابه (فليمدد) بمعنى الخبر أي يمد (له الرحمن مدا) في الدنيا يستدرجه (حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب) كالقتل والأسر (وإما الساعة) المشتملة على جهنم فيدخلونها (فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا) أعوانا أهم أم المؤمنون وجندهم الشياطين وجند المؤمنين عليهم الملائكة
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم ، القائلين ، إذ تتلى عليهم آياتنا: أي الفريقين منا ومنكم خير مقاماً وأحسن ندياً، من كان منا ومنكم في الضلالة جائراً عن طريق الحق ، سالكاً غير سبيل الهدى، فليمدد له الرحمن مداً . يقول : فليطول له الله في ضلالته ، وليمله فيها إملاء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبوعاصم ، قال : ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، في قوله "في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا" فليدعه الله في طغيانه.
وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد، مثله.
وقوله "حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة" يقول تعالى ذكره : قل لهم : من كان منا ومنكم في الضلالة ، فليمدد له الرحمن في ضلالته إلى أن يأتيهم أمر الله ، إما عذاب عاجل ، أو يلقوا ربهم عند قيام الساعة التي وعد الله خلقه أن يجمعهم لها، فإنهم إذا أتاهم وعد الله بأحد هذين الأمرين "فسيعلمون من هو شر مكانا" ومسكناً منكم ومنهم "وأضعف جندا" أهم أم أنتم ؟ ويتبينون حينئذ أي الفريقين خير مقاماً ، وأحسن ندياً.
قوله تعالى: " قل من كان في الضلالة " أي في الكفر " فليمدد له الرحمن مدا " أي فليدعه في طغيان جهله وكفره، فلفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر، أي من كان في الضلالة مده الرحمن مداً حتى يطول اغتراره فيكون ذلك أشد لعقابه. نظيره: " إنما نملي لهم ليزدادوا إثما " [آل عمران: 178] وقوله: " ونذرهم في طغيانهم يعمهون " [الأنعام: 110] ومثله كثير، أي فليعش ما شاء، وليوسع لنفسه في العمر، فمصيره إلى الموت والعقاب. وهذا غاية في التهديد والوعيد. وقيل: هذا دعاء أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: من سرق مالي فليقطع الله تعالى يده، فهو دعاء على السارق. وهو جواب الشرط. وعلى هذا فليس قوله: " فليمدد " خبراً.
قوله تعالى: " حتى إذا رأوا ما يوعدون " قال: " رأوا " لأن لفظ " من " يصلح للواحد والجمع. و " إذا " مع الماضي بمعنى المستقبل، أي حتى يروا ما يوعدون. والعذاب هنا إما أن يكون بنصر المؤمنين عليهم فيعذبونهم بالسيف والأسر، وإما أن تقوم الساعة فيصيرون إلى النار. " فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا " أي تنكشف حينئذ الحقائق. وهذا رد لقولهم: " أي الفريقين خير مقاماً وأحسن نديا ".
يقول تعالى: "قل" يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم المدعين أنهم على حق وأنكم على باطل: "من كان في الضلالة" أي منا ومنكم "فليمدد له الرحمن مداً" أي فأمهله الرحمن فيما هو فيه حتى يلقى ربه وينقضي أجله "حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب" يصيبه "وإما الساعة" بغتة تأتيه "فسيعلمون" حينئذ "من هو شر مكاناً وأضعف جنداً" في مقابلة ما احتجوا به من خيرية المقام وحسن الندى. قال مجاهد في قوله: " فليمدد له الرحمن مدا " فليدعه الله في طغيانه, وهكذا قرر ذلك أبو جعفر بن جرير رحمه الله وهذه مباهلة للمشركين الذين يزعمون أنهم على هدى فيما هم فيه, كما ذكر تعالى مباهلة اليهود في قوله: "يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين" أي ادعوا بالموت على المبطل منا أو منكم إن كنتم تدعون أنكم على الحق, فإنه لا يضركم الدعاء, فنكلوا عن ذلك, وقد تقدم تقرير ذلك في سورة البقرة مبسوطاً, ولله الحمد, وكما ذكر تعالى المباهلة مع النصارى في سورة آل عمران حين صمموا على الكفر واستمروا على الطغيان والغلو في دعواهم أن عيسى ولد الله, وقد ذكر الله حججه وبراهينه على عبودية عيسى, وأنه مخلوق كآدم, قال تعالى بعد ذلك: "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" فنكلوا أيضاً عن ذلك.
75- "قل من كان في الضلالة" أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيب على هؤلاء المفتخرين بحظوظهم الدنيوية: أي من كان مستقراً في الضلالة "فليمدد له الرحمن مداً" هذا وإن كان على صيغة الأمر، والمراد به الخير، وإنما خرج مخرج الأمر لبيان الإمهال منه سبحانه للعصاة، وأن ذلك كائن لا محالة لتنقطع معاذير أهل الضلال، ويقال لهم يوم القيامة "أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر" أو للاستدراج كقوله سبحانه "إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً" وقيل المراد بالآية الدعاء بالمد والتنفيس. قال الزجاج: تأويله أن الله جعل جزاء ضلالته أن يتركه ويمده فيها، لأن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر كأن المتكلم يقول أفعل ذلك وآمر به نفسي "حتى إذا رأوا ما يوعدون" يعني الذين مد لهم في الضلالة، وجاء بضمير الجماعة اعتباراً بمعنى من، كما أن قوله كان في الضلالة فليمدد له اعتبار بلفظها، وهذه غاية للمد، لا لقول المفتخرين إذ ليس فيه امتداد "إما العذاب وإما الساعة" هذا تفصيل لقوله ما يوعدون: أي هذا الذي توعدون هو أحد أمرين إما العذاب في الدنيا بالقتل والأسر، وإما يوم القيامة وما يحل بهم حينئذ من العذاب الأخروي "فسيعلمون من هو شر مكاناً وأضعف جنداً" هذا جواب الشرط، وهو جواب على المفتخرين: أي هؤلاء القائلون: "أي الفريقين خير مقاماً"، إذا عاينوا ما يوعدون به من العذاب الدنيوي بأيدي المؤمنين، أو الأخروي، فسيعلمون عند ذلك من هو شر مكاناً لا خير مكاناً، وأضعف جنداً لا أقوى ولا أحسن من فريق المؤمنين، وليس المراد أن للمفتخرين هنالك جنداً ضعفاء، بل لا جند لهم أصلاً كما في قوله سبحانه: "ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصراً".
75 - " قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً " ، هذا أمر بمعنى الخبر ، معناه : يدعه في طغيانه ويمهله في كفره ، " حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب " ، وهو الأسر والقتل في الدنيا ، " وإما الساعة " ، يعني : القيامة ، فيدخلون النار ، " فسيعلمون " ، عند ذلك " من هو شر مكاناً " ، منزلاً ، " وأضعف جنداً " ، أقل ناصراً أهم أم المؤمنون ؟ لأنهم في النار ، والمؤمنون في الجنة وهذا رد عليهم في قوله " أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً " .
75 -" قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا " فيمده ويمهله بطول العمر والتمتع به، وإنما أخرجه على لفظ الأمر إيذاناً بأن إمهاله مما ينبغي أن يفعله استدراجاً وقطعاً لمعاذيره كقوله تعالى: "إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً" وكقوله " أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر" "حتى إذا رأوا ما يوعدون " غاية المد. وقيل غاية قول الذين كفروا للذين آمنوا أي قالوا أي الفريقين حتى إذا رأوا ما يوعدون." إما العذاب وإما الساعة " تفصيل للموعود فإنه إما العذاب في الدنيا وهو غلبة المسلمين عليهم وتعذيبهم إياهم قتلاً وأسراً وإما يوم القيامة وما ينالهم فيه من الخزي والنكال. " فسيعلمون من هو شر مكانا " من الفريقين بأن عاينوا الأمر على عكس ما قدروه وعاد ما متعوا به خذلانا ووبالا عليهم، وهو جواب الشرط والجملة محكية بعد "حتى" . "وأضعف جنداً " أي فئة وأنصارًا قابل به أحسن ندياً من حيث إن حسن النادي باجتماع وجوه القوم وأعيانهم وظهور شوكتهم واستظهارهم.
75. Say: As for him who is in error, the Beneficent will verily prolong his span of life until, when they behold that which they were promised, whether it be punishment (in the world), or Hour (of Doom), they will know who is worse in position and who is weaker as, an army.
75 - Say: If any men go astray, (God) Most Gracious extends (the rope) to them, until, when they see The warning of God (being fulfilled) either in punishment or in (the approach of) the Hour, they will at length realize who is worst in position, and (who) weakest in forces!