78 - (فأتبعهم فرعون بجنوده) وهو معهم (فغشيهم من اليم) أي البحر (ما غشيهم) فأغرقهم
يقول تعالى ذكره : فسرى موسى ببني إسرائيل إذ أوحينا إليه أن أسر بهم ، فأتبعهم فرعون بجنوده حين قطعوا البحر، فغشي فرعون وجنده من اليم ما غشيهم ، فغرقوا جميعاً
قوله تعالى: " فأتبعهم فرعون بجنوده " أي أتبعهم ومعه جنوده، وقرىء " فأتبعهم " بالتشديد فتكون الباء في " بجنوده " عدت الفعل إلى المفعول الثاني، لأن اتبع يتعدى إلى مفعول واحد. أي تبعهم ليلحقهم بجنوده أي مع جنوده كما يقال: ركب الأمير بسيفه أي مع سيفه. ومن قطع " فأتبع " يتعدى إلى مفعولين: فيجوز أن تكون الباء زائدة، ويجوز أن يكون اقتصر على مفعول واحد. يقال: تبعه وأتبعه ولحقه وألحقه بمعنى واحد. وقوله: " بجنوده " في موضع الحال، كأنه قال: فأتبعهم سائقاً جنوده. " فغشيهم من اليم ما غشيهم " أي أصابهم من البحر ما غرقهم، وكرر على معنى التعظيم والمعرفة بالأمر.
يقول تعالى مخبراً أنه أمر موسى عليه السلام حين أبى فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل أن يسري بهم في الليل, ويذهب بهم من قبضة فرعون, وقد بسط الله هذا المقام في غير هذه السورة الكريمة, وذلك أن موسى لما خرج ببني إسرائيل أصبحوا وليس منهم بمصر لا داع ولا مجيب, فغضب فرعون غضباً شديداً, وأرسل في المدائن حاشرين, أي من يجمعون له الجند من بلدانه ورساتيقه, يقول: " إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون ", ثم لما جمع جنده واستوسق له جيشه, ساق في طلبهم فأتبعوهم مشرقين, أي عند طلوع الشمس " فلما تراء الجمعان " أي نظر كل من الفريقين إلى الاخر " قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين " ووقف موسى ببني إسرائيل البحر أمامهم, وفرعون وراءهم, فعند ذلك أوحى الله إليه " فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا " فضرب البحر بعصاه, وقال: انفلق علي بإذن الله, فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم, أي الجبل العظيم, فأرسل الله الريح على أرض البحر فلفحته حتى صار يبساً كوجه الأرض, فلهذا قال: "فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً" أي من فرعون "ولا تخشى" يعني من البحر أن يغرق قومك, ثم قال تعالى: "فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم" أي البحر "ما غشيهم" أي الذي هو معروف ومشهور, وهذا يقال عند الأمر المعروف المشهور, كما قال تعالى: " والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى " وقال الشاعر:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي الذي يعرف وهو مشهور. وكما تقدم فرعون فسلك بهم في اليم فأضلهم وما هداهم إلى سبيل الرشاد, كذلك يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود.
78- " فأتبعهم فرعون بجنوده " أتبع هنا مطاوع تبع، يقال أتبعتهم إذا تبعتهم، وذلك إذا سبقوك فلحقتهم، فالمعنى: تبعهم فرعون ومعه جنوده. وقيل الباء زائدة والأصل اتبعهم جنوده: أي أمرهم أن يتبعوا موسى وقومه، وقرئ "فأتبعهم" بالتشديد: أي لحقهم بجنوده وهو معهم كما يقال: ركب الأمير بسيفه: أي معه سيفه، ومحل بجنوده النصب على الحال أي سابقاً جنوده معه "فغشيهم من اليم ما غشيهم" أي علاهم وأصابهم ما علاهم وأصابهم، والتكرير للتعظيم والتهويل كما في قوله: " الحاقة * ما الحاقة " وقيل غشيهم ما سمعت قصته. وقال ابن الأنباري: غشيهم البعض الذي غشيهم، لأنه لم يغشهم كل ماء البحر، بل الذي غشيهم بعضه. فهذه العبارة للدلالة على أن الذي غرقهم بعض الماء، والأول أولى لما يدل عليه من التهويل والتعظيم. وقرئ فغشاهم من اليم ما غشاهم: أي غطاهم ما غطاهم.
78. " فأتبعهم "، فلحقهم، " فرعون بجنوده "، وقيل: معناه أمر فرعون جنوده أن يتبعوا موسى وقومه، والباء فيه زائدة وكان هو فيهم، " فغشيهم "، أصابهم، " من اليم ما غشيهم "، وهو الغرق. [وقيل: غشيهم علاهم وسترهم بعض ماء اليم لا كله].
وقيل: غشيهم من اليم ما غشيهم قوم موسى فغرقوا هم، ونجا موسى وقومه.
78ـ " فأتبعهم فرعون بجنوده " وذلك أن موسى عليه السلام خرج بهم أول الليل فأخبر فرعون بذلك فقص أثرهم ، والمعنى فأتبعهم فرعون نفسه ومعه جنوده فحذف المفعول الثاني . وقيل " فأتبعهم " بمعنى فأتبعهم ويؤيده القراءة به والباء للتعدية وقيل الباء مزيدة والمعنى : فاتبعهم جنوده وذادهم خلفهم . " فغشيهم من اليم ما غشيهم " الضمير لجنوده أوله ولهم ، وفيه مبالغة و وجازة أي : غشيهم ما سمعت قصته ولا يعرف كنهه إلا الله . وقرئ (( فغشاهم ما غشاهم )) أي غطاهم ما غطاهم والفاعل هو الله تعالى أو ما غشاهم أو فرعون لأنه الذي ورطهم للهلاك .
78. Then Pharaoh followed with his hosts and there covered them that which did cover them of the sea.
78 - Then Pharaoh pursued them With his forces, but the waters completely overwhelmed them and covered them up.