80 - (يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم) فرعون بإغراقه (وواعدناكم جانب الطور الأيمن) فنؤتي موسى التوراة للعمل بها (ونزلنا عليكم المن والسلوى) هما الترنجبين والطير السماني بتخفيف الميم والقصر والمنادى من وجد من اليهود زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخوطبوا بما أنعم الله به على أجدادهم زمن النبي موسى توطئة لقوله تعالى لهم
يقول تعالى ذكره : فلما نجا موسى بقومه من البحر، وغشي فرعون قومه من اليم ما غشيهم ، قلنا لقوم موسى "يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم" فرعون "وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى" وقد ذكرنا كيف كانت مواعدة الله موسى وقومه جانب الطور الأيمن. وقد بينا المن والسلوى باختلاف المختلفين فيهما، وذكرنا الشواهد على الصواب من القول في ذلك فيما مضى قبل ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
واختلفت القراء في قراءة قوله "قد أنجيناكم" فكانت عامة قراء المدينة والبصرة يقرءونه "قد أنجيناكم" بالنون والألف وسائر الحروف الأخر معه كذلك ، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة قد أنجيتكم بالتاء، وكذلك سائر الحروف الأخر، إلا قوله "ونزلنا عليكم المن والسلوى" فإنهم وافقوا الآخرين في ذلك وقرءوه بالنون والألف.
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان باتفاق المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ ذلك فمصيب.
قوله تعالى: " يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم " لما أنجاهم من فرعون قال لهم هذا ليشكروا. " وواعدناكم جانب الطور الأيمن " " جانب " نصب على المفعول الثاني لواعدنا ولا يحسن أن ينتصب على الظرف، لأنه ظرف مكان محض غير مبهم. وإنما تتعدى الأفعال والمصادر إلى ظروف المكان بغير حرف جر إذا كانت مبهمة. قال مكي: هذا أصل لا خلاف فيه، وتقدير الآية: وواعدناكم إتيان جانب الطور، ثم حذف المضاف. قال النحاس : أي أمرنا موسى أن يأمركم بالخروج معه ليكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام. وقيل: وعد موسى بعد إغراق فرعون أن يأتي جانب الطور الأيمن فيؤتيه التوراة، فالوعد كان لموسى ولكن خوطبوا به لأن الوعد كان لأجلهم. وقرأ أبو عمرو ووعدناكم بغير ألف واختاره أبو عبيد، لأن الوعد إنما هو من الله تعالى لموسى خاصة، والمواعدة لا تكون إلا من اثنين، وقد مضى في ((البقرة)) هذا المعنى. و " الأيمن " نصب، لأنه نعت للجانب وليس للجبل يمين ولا شمال، فإذا قيل: خذ عن يمين الجبل فمعناه خذ على يمينك من الجبل. وكان الجبل على يمين موسى إذ أتاه. " ونزلنا عليكم المن والسلوى " أي في التيه وقد تقدم القول فيه.
يذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل العظام ومننه الجسام, حيث أنجاهم من عدوهم فرعون, وأقر أعينهم منه وهم ينظرون إليه وإلى جنده قد غرقوا في صبيحة واحدة, لم ينج منهم أحد, كما قال: "وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون" وقال البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم , حدثنا روح بن عبادة , حدثنا شعبة , حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة, وجد اليهود تصوم عاشوراء, فسألهم فقالوا: هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى على فرعون, فقال: "نحن أولى بموسى فصوموه" رواه مسلم أيضاً في صحيحه .
ثم إنه تعالى واعد موسى وبني إسرائيل بعد هلاك فرعون إلى جانب الطور الأيمن, وهو الذي كلمه الله تعالى عليه, وسأل فيه الرؤية, وأعطاه التوراة هنالك, وفي غضون ذلك عبد بنو إسرائيل العجل كما يقصه الله تعالى قريباً, وأما المن والسلوى فقد تقدم الكلام على ذلك في سورة البقرة وغيرها, فالمن حلوى كانت تنزل عليهم من السماء, والسلوى طائر يسقط عليهم فيأخذون من كل قدر الحاجة إلى الغد, لطفاً من الله ورحمة بهم وإحساناً إليهم, ولهذا قال تعالى: "كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي" أي كلوا من هذا الرزق الذي رزقتكم, ولا تطغوا في رزقي فتأخذوه من غير حاجة, وتخالفوا ما أمرتكم به "فيحل عليكم غضبي" أي أغضب عليكم "ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي فقد شقي. وقال شفي بن مانع : إن في جهنم قصراً يرمى الكافر من أعلاه, فيهوي في جهنم أربعين خريفاً قبل أن يبلغ الصلصال, وذلك قوله "ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى" وراه ابن أبي حاتم .
وقوله: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً" أي كل من تاب إلي, تبت عليه من أي ذنب كان, حتى أنه تاب تعالى على من عبد العجل من بني إسرائيل. وقوله تعالى: "تاب" أي رجع عما كان فيه من كفر أو شرك أو معصية أو نفاق. وقوله: "وآمن" أي بقلبه. "وعمل صالحاً" أي بجوارحه. وقوله: "ثم اهتدى" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي ثم لم يشكك. وقال سعيد بن جبير "ثم اهتدى" أي استقام على السنة والجماعة وروي نحوه عن مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف وقال قتادة "ثم اهتدى" أي لزم الإسلام حتى يموت وقال سفيان الثوري "ثم اهتدى" أي علم أن لهذا ثواباً, وثم ههنا لترتيب الخبر على الخبر, كقوله: " فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات ".
80- "يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم" ذكر سبحانه ما أنعم به على بني إسرائيل بعد إنجائهم، والتقدير قلنا لهم بعد إنجائهم: يا بني إسرائيل، ويجوز أن يكون خطاباً لليهود المعاصرين لنبينا صلى الله عليه وسلم لأن النعمة على الآباء معدودة من النعم على الأبناء، والمراد بعدوهم هنا فرعون وجنوده، وذلك بإغراقه وإغراق قومه في البحر بمرأى من بني إسرائيل " وواعدناكم جانب الطور الأيمن " انتصاب جانب على أنه مفعول به، لا على الظرفية لأنه مكان معين غير مبهم، وإنما تنتصب الأمكنة على الظرفية إذا كانت مبهمة. قال مكي: وهذا أصل لا خلاف فيه. قال النحاس: والمعنى أمرنا موسى أن يأمركم بالخروج معه لنكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام. وقيل وعد موسى بعد إغراق فرعون أن يأتي جانب الطور، فالوعد كان لموسى، وإنما خوطبوا به لأن الوعد كان لأجلهم، وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب ووعدناكم بغير ألف، واختاره أبو عبيدة، لأن الوعد إنما هو من الله لموسى خاصة والمواعدة لا تكون إلا من اثنين، وقد قدمنا في البقرة هذا المعنى، والأيمن منصوب على أنه صفة للجانب، والمراد يمين الشخص، لأن الجبل ليس له يمين ولا شمال، فإذا قيل خذ عن يمين الجبل فمعناه عن يمينك من الجبل. وقرئ بجر الأيمن على أنه صفة للمضاف إليه "ونزلنا عليكم المن والسلوى" قد تقدم تفسير المن بالترنجبين والسلوى بالسماني وأوضحنا ذلك بما لا مزيد عليه، وإنزال ذلك عليهم كان في التيه.
80. قوله عز وجل: " يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم "، فرعون، " وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى ".
80ـ " يا بني إسرائيل " خطاب لهم بعد إنجائهم من البحر وإهلاك فرعون على إضمار قلنا ، أو للذين منهم في عهد النبي عليه الصلاة والسلام بما فعل بآبائهم . " قد أنجيناكم من عدوكم " فرعون وقومه . " وواعدناكم جانب الطور الأيمن " بمناجاة موسى وإنزال التوراة ، وإنما عد المواعدة إليهم وهي لموسى أو له وللسبعين المختارين للملابسة " ونزلنا عليكم المن والسلوى " يعني في التيه .
80. O Children of Israel! We delivered you from your enemy, and We made a covenant with you on the holy mountain's side, and sent down on you the manna and the quails,
80 - O ye children of Israel! We delivered you from your enemy, and we made a covenant with you On the right side of Mount (Sinai), and we sent down to you manna And quails: