81 - (وآتيناهم آياتنا) في الناقة (فكانوا عنها معرضين) لا يتفكرون فيها
يقول تعالى ذكره : ولقد كذب سكان الحجر . وجعلوا لسكناهم فيها ومقامهم بها أصحابها ، كما قال تعالى ذكره : ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ) . فجعلها أصحابها لسكناهم فيها ومقامهم بها . والحجر : مدينة ثمود .
وكان قتادة يقول في معنى الحجر :
ما حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر عن قتادة : اصحاب الحجر : قال : اصحاب الوادي .
حدثني يونس ، قال : اخبرنا ابن وهب ، قال : اخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، وهو يذكر الحجر مساكن ثمود قال : قال سالم بن عبد الله : "إن عبد الله بن عمر قال : مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم" ، ثم زجر فأسرع حتى خلفها .
حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، قال : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد المكي ، قال : حدثنا داود بن عبد الرحمن ،عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ابن سابط ، عن جابر بن عبد الله "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بالحجر : هؤلاء قوم صالح أهلكهم الله إلا رجلاً كان في حرم الله منعه حرم الله من عذاب الله ، قيل : يا رسول الله من هو ؟ قال : أبو رغال" .
وقوله : "وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين" يقول : وأريناهم أدلتنا وحججنا على حقيقة ما بعثنا به إليه رسولنا صالحاً ، فكانوا عن آياتنا التي آتيناهموها معرضين لا يعتبرون بها ولا يتعظون .
قوله تعالى: " وآتيناهم آياتنا " أي بآياتنا. كقوله: " آتنا غداءنا " ( الكهف: 62) أي بغدائنا. والمراد الناقة، وكان فيها آيات جمة: خروجها من الصخرة، ودنو نتاجها عند خروجها، وعظمها حتى لم تشبها ناقة، وكثرة لبنها حتى تكفيهم جميعاً. ويحتمل أنه كان لصالح آيات آخر سوى الناقة، كالبئر وغيره. " فكانوا عنها معرضين " أي لم يعتبروا.
أصحاب الحجر هم ثمود الذين كذبوا صالحاً نبيهم عليهم السلام, ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين, ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين, وذكر تعالى أنه أتاهم من الايات ما يدلهم على صدق ما جاءهم به صالح كالناقة التي أخرجها الله لهم بدعاء صالح من صخرة صماء, وكانت تسرح في بلادهم لها شرب ولهم شرب يوم معلوم, فلما عتوا وعقروها قال لهم "تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب" وقال تعالى: "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى" وذكر تعالى أنهم "كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين" أي من غير خوف ولا احتياج إليها بل أشراً وبطراً وعبثاً كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر الذي مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك, فقنع رأسه وأسرع دابته, وقال لأصحابه: "لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين, فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم". وقوله: "فأخذتهم الصيحة مصبحين" أي وقت الصباح من اليوم الرابع " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون" أي ما كانوا يستغلونه من زروعهم وثمارهم التي ضنوا بمائها عن الناقة حتى عقروها لئلا تضيق عليهم في المياه, فما دفعت عنهم تلك الأموال ولا نفعتهم لما جاء أمر ربك.
81- "وآتيناهم آياتنا" أي الآيات المنزلة على نبيهم، ومن جملتها الناقة فإن فيها آيات جمة كخروجها من الصخرة ودنو نتاجها عند خروجها وعظهما وكثرة لبنها "فكانوا عنها معرضين" أي غير معتبرين، ولهذا عقروا الناقة وخالفوا ما أمرهم به نبيهم.
81-" وآتيناهم آياتنا "، يعني: الناقة وولدها والبئر، فالآيات في الناقة، خروجها من الصخرة، وكبرها، وقرب ولادها، وغزراة لبنها، "فكانوا عنها معرضين".
81." وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين " يعني آيات الكتاب المنزل على نبيهم ، أو معجزاته كالناقة وسقيها وشربها ودرها ، أو ما نصب لهم من الأدلة.
81. And We gave them Our revelations, but they were averse to them.
81 - We sent them our signs, but they persisted in turning away from them.