82 - (قالوا) الأولون (أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون) لا وفي الهمزتين في الموضعين التحقيق وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين
القول في تأويل قوله تعالى :" قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " .
" قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " هذا لا يكون ولا يتصور.
يقول تعالى: "ولقد أخذناهم بالعذاب" أي ابتليناهم بالمصائب والشدائد "فما استكانوا لربهم وما يتضرعون" أي فما ردهم ذلك عما كانوا فيه من الكفر والمخالفة, بل استمروا على غيهم وضلالهم "فما استكانوا", أي ما خشعوا "وما يتضرعون" أي ما دعوا, كما قال تعالى: "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم" الاية. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا محمد بن حمزة المروزي , حدثنا علي بن الحسين , حدثنا أبي عن يزيد ـ يعني النحوي ـ عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: جاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أنشدك الله والرحم, فقد أكلنا العلهز ـ يعني الوبر والدم ـ فأنزل الله "ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا" الاية, وكذا رواه النسائي عن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين عن أبيه به, وأصله في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا, فقال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف".
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا سلمة بن شبيب , حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان , حدثني وهب بن عمر بن كيسان قال حبس وهب بن منبه فقال له رجل من الأبناء: ألا أنشدك بيتاً من شعر يا أبا عبد الله ؟ فقال وهب : نحن في طرف من عذاب الله, والله يقول: "ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون" قال: وصام وهب ثلاثاً متواصلة, فقيل له: ما هذا الصوم يا أبا عبد الله ؟ قال: أحدث لنا فأحدثنا, يعني أحدث لنا الحبس فأحدثنا زيادة عبادة.
وقوله: "حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون" أي حتى إذا جاءهم أمر الله وجاءتهم الساعة بغتة, فأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون فعند ذلك أبلسوا من كل خير وأيسوا من كل راحة, وانقطعت آمالهم ورجاؤهم, ثم ذكر تعالى نعمه على عباده بأن جعل لهم السمع والأبصار والأفئدة, وهي العقول والفهوم التي يذكرون بها الأشياء ويعتبرون بما في الكون من الايات الدالة على وحدانية الله وأنه الفاعل المختار لما يشاء.
وقوله: "قليلاً ما تشكرون" أي ما أقل شكركم لله على ما أنعم به عليكم, كقوله: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" ثم أخبر تعالى عن قدرته العظيمة وسلطانه القاهر في برئه الخليقة وذرئه لهم في سائر أقطار الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم, ثم يوم القيامة يجمع الأولين منهم والاخرين لميقات يوم معلوم, فلا يترك منهم صغيراً ولا كبيراً, ولا ذكراً ولا أنثى, ولا جليلاً ولا حقيراً, إلا أعاده كما بدأه, ولهذا قال: "وهو الذي يحيي ويميت" أي يحيي الرمم ويميت الأمم, "وله اختلاف الليل والنهار" أي وعن أمره تسخير الليل والنهار, كل منهما يطلب الاخر طلباً حثيثاً, يتعاقبان لا يفتران ولا يفترقان بزمان غيرهما, كقوله: " لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار " الاية.
وقوله: "أفلا تعقلون" أي أفليس لكم عقول تدلكم على العزيز العليم الذي قد قهر كل شيء, وعز كل شيء وخضع له كل شيء, ثم قال مخبراً عن منكري البعث الذين أشبهوا من قبلهم من المكذبين " بل قالوا مثل ما قال الأولون * قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " يعني يستبعدون وقوع ذلك بعد صيرورتهم إلى البلى " لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين " يعنون الإعادة محال, إنما يخبر بها من تلقاها عن كتب الأولين واختلافهم وهذا الإنكار والتكذيب منهم كقوله إخباراً عنهم " أإذا كنا عظاما نخرة * قالوا تلك إذا كرة خاسرة * فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة " وقال تعالى: " أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " الايات.
ثم بين ما قاله الأولون فقال: 82- " قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " فهذا مجرد استبعاد لم يتعلقوا فيه بشيء من الشبه.
82. " قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون "، لمحشورون، قالوا ذلك على طريق الإنكار والتعجب.
82ـ " قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " استبعاداً ولم يتأملوا أنهم كانوا قبل ذلك أيضاً تراباً فخلقوا .
82. They say: When we are dead and have become (mere dust and bones, shall we then, forsooth, be raised again?
82 - They say: What! When we die and become dust and bones, could we really be raised up again?