82 - (وإذا وقع القول عليهم) حق العذاب أن ينزل بهم في جملة الكفار (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) تكلم الموجودين حين خروجها بالعربية تقول لهم من جملة كلامها عنا (أن الناس) كفار مكة وعلى قراءة فتح همزة إن نقدر الباء بعد تكلمهم (كانوا بآياتنا لا يوقنون) لا يؤمنون بالقرآن المشتمل على البعث والحساب والعقاب وبخروجها ينقطع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يؤمن كافر كما أوحى الله إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن
ذكر من قال مثل الذي قلنا في قوله تعالى " وقع ":
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " وإذا وقع القول عليهم " قال: حق عليهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " وإذا وقع القول عليهم " يقول : إذا وجب القول عليهم
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد " وقع القول عليهم " قال: حق العذاب.
قال ابن جريج: القول: العذاب.
ذكر من قال قولنا في معنى القول:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وإذا وقع القول عليهم " والقول: الغضب.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن هشام، عن حفصة، قالت: سألت أبا العالية، عن قوله " وإذا وقع القول عليهم " فقال: أوحى الله إلى نوح ( أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) ( هود: 36) قالت: فكأنما كان على وجهي غطاء فكشف.
وقال جماعة من أهل العلم: خروج هذه الدابة التي ذكرها حين لا يأمر الناس بمعروف ولا ينهون عن منكر.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا الأشجعي ، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، عن عطية العوفي، عن ابن عمر في قوله " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض " قال: هو حين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا محمد بن الحسن أبو الحسن، قال: ثنا عمرو بن قيس الملائي، عن عطية، عن ابن عمر، في قوله " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض " قال: ذاك إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن ابن عمر، في قوله " أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " قال: حين لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر.
حدثني محمد بن عمرو المقدسي، قال: ثنا أشعث بن عبد الله السجستاني، قال: ثنا شعبة، عن عطية، في قوله " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " قال: إذا لم يعرفوا معروفاً، ولم ينكروا منكراً.
وذكر أن الأرض التي تخرج منها الدابة مكة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثني الأشجعي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن ابن عمر، قال: تخرج الدابة من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس، عن الفرات القزاز، عن عامر بن واثلة أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: إن الدابة حين تخرج يراها بعض الناس فيقولون والله لقد رأينا الدابة حتى يبلغ ذلك الإمام، فيطلب فلا يقدر على شيء، قال: ثم تخرج فيراها الناس، فيقولون: والله لقد رأيناها فيبلغ ذلك الإمام فيطلب فلا يرى شيئاً، فيقول: أما إني إذا حدث الذي يذكرها قال: حتى يعد فيها القتل، قال: فتخرج، فإذا رآها الناس دخلوا المسجد يصلون، فتجيء إليهم فتقول: الآن تصلون! فتخطم الكافر، وتمسح على جبين المسلم غرة، قال: فيعيش الناس زماناً يقول هذا يا مؤمن، وهذا يا كافر.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عثمان بن مطر، عن واصل مولى أبي عيينة، عن أبي الطفيل عن حذيفة، وأبي سفيان، ثنا عن معمر، عن قيس بن سعد، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد، في قوله " أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " قال: للدابة ثلاث خرجات: خرجة في بعض البوادي ثم تكمن، وخرجة في بعض القرى حين يهريق فيها الأمراء الدماء، ثم تكمنن فبينا الناس عند أشرف المساجد وأعظمها وأفضلها، إذا ارتفعت بهم الأرض، فانطلق الناس هراباً، وتبقى طائفة من المؤمنين، ويقولون: إنه لا ينجينا من الله شيء، فتخرج عليهم الدابة تجلو وجوههم مثل الكوكب الدري ثم تنطلق فلا يدركها طالب ولا يفوتها هارب، وتأتي الرجل يصلي، فيقول: والله ما كنت من أهل الصلاة فيلتفت إليها فتخطمه، قال: تجلو وجه المؤمن، وتخطم الكافر، قلنا: فما للناس يؤمئذ؟ قال: جيران في الرباع، وشركاء في الأموال، وأصحاب في الأسفار.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن الوليد بن جميع، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن ابن عمر: يبيت الناس يسيرون إلى جمع، وتبيت دابة الأرض تسايرهم، فيصبحون وقد خطمتهم من رأسها وذنبها، فما من مؤمن إلا مسحته، ولا كافر ولا منافق إلا تخبطه.
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا الخيبري، عن حيان بن عمير، عن حسان بن حمصة، قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: لو شئت لانتعلت بنعلي هاتين، فلم أمس الأرض قاعداً حتى أقف على الأحجار التي تخرج الدابة من بينها، ولكأني بها قد خرجت في عقب ركب من الحاج، قال فما حججت قط إلا خفت تخرج بعقبنا.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: ثنا أبو أسامة، عن هشام، عن قيس بن سعد، عن عطاء، قال: رأيت عبد الله بن عمرو، وكان منزله قريباً من الصفا، رفع قدمه وهو قائم، وقال: لو شئت لم أضعها حتى أضعها على المكان الذي تخرج منه الدابة.
حدثنا عصام بن رواد بن الجراح، قال: ثنا أبي، قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوري، قال: ثنا منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه سلم يقول: " وذكر الدابة، فقال حذيفة: قلت يا رسول الله، من أين تخرج؟ قال: ( من أعظم المساجد حرمةً على الله، بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون، إذ تضطرب الأرض تحتهم تحرك القنديل، وينشق الصفا مما يلي المسعى، وتخرج الدابة من الصفا أول ما يبدو رأسها ملمعة ذات وبر وريش، لم يدركها طالب، ولن يفوتها هارب، تسم الناس مؤمن وكافر، أما المؤمن فتترك وجهه كأنه كوكب دري، وتكتب بين عينيه مؤمن، وأما الكافر فتنكت بين عينيه نكتةً سوداء كافر ".
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو الحسين، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أوس بن خالد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ( تخرج الدابة معها خاتم سليمان وعصا موسى، فتجلو وجه المؤمن بالعصا، وتختم أنف الكافر بالخاتم، حتى إن أهل البيت ليجتمعون فيقول هذا يا مؤمن، ويقول هذا يا كافر ".
قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قال: هي دابة ذات زغب وريش، ولها أربع قوائم تخرج من بعض أودية تهامة، قال: قال عبد الله بن عمر: إنها تنكت في وجه الكافرنكتة سوداء، فتفشو في وجهه، فيسود وجهه، وتنكت في وجه المؤمن نكتة بيضاء فتفشو في وجهه، حتى يبيض وجهه، فيجلس أهل البيت على المائدة، فيعرفون المؤمن من الكافر، ويتبايعون في الأسواق، فيعرفون المؤمن من الكافر.
حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب، قالا: ثنا ابن الهاد، عن عمر بن الحكم، أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: تخرج الدابة من شعب، فيمس رأسها السحاب، ورجلاها في الأرض ما خرجتا، فتمر بالإنسان يصلي، فتقول: ما الصلاة من حاجتك فتخطمه.
حدثنا صالح بن مسمار، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: ثنا يزيد بن عياض، عن محمد بن إسحاق، أنه بلغه عن عبد الله بن عمرو، قال: تخرج دابة الأرض ومعها خاتم سليمان وعصا موسى، فأما الكافر فتختم بين عينيه بخاتم سليمان، وأما المؤمن فتمسح وجهه بعصا موسى فيبيض.
واختلفت القراء في قراءة قوله " تكلمهم " فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار " تكلمهم " بضم التاء وتشديد اللام، بمعنى تخبرهم وتحدثهم، وقرأه أبو زرعة بن عمرو ( تكلمهم) بفتح التاء وتخفيف اللام بمعنى: تسمهم.
والقراءة التي لا استجيز غيرها في ذلك ما عليه قراء الأمصار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله " أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " قال: تحدثهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " وهي في بعض القراءة تحدثهم تقول لهم " أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ".
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، في قوله " تكلمهم " قال: كلامها تنبئهم " أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ".
وقوله " أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرباء الحجاز والبصرة والشأم ( إن الناس) بكسر الألف من ( إن) على وجه الابتداء بالخبر عن الناس أنهم كانوا بآيات الله لا يوقنون وهي وإن كسرت في قراءة هؤلاء فإن الكلام لها متناول، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض أهل البصرة " أن الناس كانوا " بفتح أن بمعنى: تكلمهم بأن الناس، فيكون حينئذ نصب بوقوع الكلام عليها.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مستفيضتان في قرأة الأمصار، فبأيتهما قرأ القاريء فمصيب.
قوله تعالى : " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " اختلف في معنى وقع القول وفي الدابة ،فقيل : معنى (( وقع القول عليهم )) وجب الغضب عليهم ،قال قتادة . وقال مجاهد : أي حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون . وقال ابن عمر و أبو سعيد الخدري رضي الله عنهما : إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر وجب السخط تعليهم . وقال عبد اله بن مسعود : وقع القول يكون بموت العلماء ، وذهاب العلم ، ورفع القرآن . قال عبد الله : اكثروا تلاوة القرآن قبل أ، يرفع ، قالوا هذه المصاحف ترفع فكيف بما في صدور الرجال ؟ قال : يسرى عليه ليلاً فيصبحون منه قفراً ، وينسون لاإله إلا الله ، ويقون في قول الجاهلية وأشعارهم ، وذلك حين يقع القول عليهم .
قلت : أسنده أبو بكر البزار قال حدثنتا عبد الله بن يوسف الثقفي قال حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن موسى بن عبيدة عن صفوان بن سليم عن أبن لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن أبيه أنه قال : أكثروا من زيارة هذا البيت من قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه ، وأكثروا تلاوة القرآيشن من قبل أن يرفع ، قالوا : يا أبا عبد الرحمن هذه المصاحف ترفع فكيف بما في صدرو الرجال ؟ قال ، فيصبحون فيقولون كنا نتكلم بكلام ونقول قولاً فيرجعون إلى شعر الجاهلية وأحاديث الجاهلية ، وذلك حين يقع القول عليهم . وقيل : القول هو قوله تعالى : " ولكن حق القول مني لأملأن جهنم " [ السجدة : 13] فوقع القول وجوب العقاب على هؤلاء فإذا صاروا إلى حد لا تقبل توبتهم ولا يولد لهم ولد مؤمن فحينئذ تقوم القيامة ، ذكره القشيري . وقول سادس : قالت حفصة بنت سرين سألت أبا العالية عن قول الله تعالى : " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " فقال : أوحى الله إلى نوح : " أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " [ هود : 36] وكأنما كان على وجهي عطاء فكشف . قال النحاس : وهذا من حسن الجواب ، لأن الناس ممتحنون ومؤخرون لأأن فيهم مؤمنين وصالحين . ومن قد علم الله عزوجل أنه سؤمن ويتوب ، فلهذا أمهلوا وأمرنا بأخذ الجزية ، فإذا زال هذا وجب القول عليهم فصاورا كقوم نوح حين قال الله تعالى : " أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " [ هود 36] .
قلت : وجميع الأقوال عند التأمل ترجع إلى معنى واحد . والدليل عليه آخر الآية " أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " وقرئ : ( أن ) بفتح الهمزة وسيأتي . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلا ث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمن من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض " وقد مضى . واختلف فيتعيين هذه الدابة وصفتها ومن أين تخرج اختلافاً كثيراً ، وقد ذكرناه في كتاب التذكرة ونذكره هنا إن شاء الله تعالى مستوفى . وفأول الأقوال أنه فصيل ناقة صالح وهو أصحها _ والله أعلم _ لما ذكره أبو داود الطيالسي في مسنده عن حذيفة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال : " لها ثلاث خرجات من الدهر فتخرج في أقصى البادية ولا يدنخل ذكرها القرية _ يعني مكة _ ثم تكمن زماناً طويلاً ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشو ذكرها في البادية ويدخل ذكرها القرية " يعني مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثم بينما الناس في أعظم المساجد عى الله حرمة خيرها وأحكرمها على الله المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الرحكن والمقام تنفض عن رأسها التراب فارفض الناس منها شتى ومعاً وتصثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنهم لن يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إن الرجل ليتغعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول يا فلان الآن تصلي فتقبل عليه فتسمه في وجهه ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال ويصطلحون في الأمصار يعرف المؤمن من الكافر حتى إن المؤمن يقول يا كافر اقض حقي " وموضع الدليل من هذا الحديث أنه الفصيل قوله : (( وهي ترغو )) والرغاء إنما هو للإبل ، وذلك أن الفصيل لما قتلت الناقة هرب فانفتح له حجر فدخل في جوفه ثم انطبق عليه ، فهو فيه حتى يخرج بإذن الله عزوجل . وروي أنها دابة مزغبة شعراء ذات قوائم طولها ستون ذراعاً ، ويقال إنها الجساسة ، وهو قول عبد الله بن عمرو .وروي عن ابن عمرو أنها على خلقه الآدميين ، وهي في السحاب وقوائمها في الأرض . وروي أنها جمعت من خلق كل حيوان . وذكر الماوردي و الثعلبي : رأسها رأس ثور ، وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنا قرن أيل ، وعنقها عنق نعامة ، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هر ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصل ومفصل اثناعشر ذراعاً _ الزمخشري : بذراع آدم عليه السلام _ ويخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتنكت في وجه المسلم بعصا موسى نكتة بيضاء فيبيض وحهه ، وتنكت في وجه الكافر بخاتم سليمان عليه السلام فيسود وجهه ، قاله ابن الزبير رضي الله عنهما . وفي كتاب النقاش عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن الدابة الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة . وحكى الماوردي عن محمد بن كعب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن الدارة فقال : أما والله ما لها ذنب وإن لها للحية ،قال الماوردي : وفي هذا القول منه إشارة إلى أنها من الإنس وإن لم يصرح به .
قلت : ولهذا _ والله أعلم _ قال بعض المتأخرين من المفسرين : إن الأقرب أن تكون هذا الدابة إنساناً متكلماً يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم لينقطعو ، فيهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة . قال شيخنا الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في كتاب المفهم له : وإنما كان عند هذا القائل الأقرب لقوله تعالى " تكلمهم " وعلى هذا فالاى يكون في هذه الدابة آية خاصة خارقة للعادة ، ولا تكون من العشر الآيات المذكورة في الحديث ، لأن وجود المناضرين والمحتجين على أهل البدع كثير ، فللا آية خاصة بها فلا ينبغي أن تذكر مع العشر ، وترتفع خصوصية وجودها إذا وقع القول ، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي على أهل الأرض أن يسموه باسم الإنسان أو بالعالم أو بالإمام إلى أن يسمى بدابة ، وهذا خروج عن عادة الفصحاء ، وعن تعظيم العلماء ، وليس ذلك دأب العقلاء ، فالأولى ما قله أهل التفسير ، والله أعلم بحقائق الأمور .
قلت : قد رفع الإشكال في هذه الدابة ما ذكرناه منحديث حذيفة فليعتمدعليه . واختلف من أي موضع تخرج ، فقال عبد الله بن عمر : تخرج من جبل الصفا بمكة ، يتصدع فتخرج منه . قال عبد الله بن عمرو نحوه وقال : لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت . وروي في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الأرض تنشق عن الدابة وعيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون من ناحية المسعى وأنها تخرج من الصفا فتسم بين عيني المؤمن هو مؤمن سمة كأنها كوكب دري وتسم بين عيني الكافر تكتة سواداء كافر " وذكر في الخبر أنها ذات وبر وريش ، ذكره المهدوي . وعن ابن عباس أنها تخرج من شعب فتمس رأسها السحاب ورجلاها في الأرض لم تخرجا ، وتخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام . وعن حذيفة : تخرح ثلاث خرجات ، خرجه في بعض البوادي ثم تكمن ، وخرجة في القرى يتقاتل فيها الأمراء حتى تكثر الدماء ، وحرجة من أعظم المساجد
وأكرمها وأشرفها وأفضلها . الزمخشري : تخرج من بين الركن حذاء دار بني مجزوم عن يمين الخارج من المسجد ، فقوم يهربون ، وقوم يقفون نظارة . وروي عن قتادة أنها تخرج في تهامة . وروي أنها تخرج من مسجد الكوفة من حيث فار تنور نوح عليه السلام . وقيل : من أرض الطائف ،قال أبو قبيل : ضرب عبد الله بن عمرو أرض الطائف برجله وقال : من هنا تخرج الدابة التي تكلم الناس . وقيل: من بعض أودية تهامة ، قاله ابن عباس . وقيل : منن صخرة من شعب أجياد ، قاله عبد الله بن عمرو . وقيل : من بحر سدوم ، قاله وهب بن منبه . ذكر هذه الأقوال الثلاثة الأخيرة الماوردي في كتابة . وذكر البغوي أبو القاسم عبد الله بن محمدبن عبد العزيز قال: حدثنا علي بن الجعد عن فضيل بن مرزوق الرقاشي الأغر _ وسئل عنه يحيى بن معين فقال ثقة _ عن عطية العوفي عن ابن عمر قال تخرج الدابة من صدع في الكعبة كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها .
قلت : فهذه أقوال الصحابة والتابعين في خروج الدابة وصفتها ، وهي ترد قول من قال من المفسرين : إن الدابة إنما هي إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر . وقد روى ابو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم " ذكره الماوردي . (( تكلمهم )) بضم التاء وشد اللام المكسورة _ من الكلام _ قراءة العامة ، يدل عليه قراءة أبي ( تنبئهم ) وقال السدي : تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام . وقيل : تكلمهم بما يسوءهم . وقيل : تكلمهم بلسان ذلق فتقول لصوت يسمعه من قرب وبعد إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون أي بخروجي ، لأن خروجها من الآيات .وتقول : ألا لعنة الله على الظالمين . وقرأ أبو زرعة و ابن عباس والحسن و ابو رجاء : (( تكلمهم )) بفتح التاء من الكلم وهو الجرج ، وقال عكرمة : أي تسمهم . وقال ابو الجوزاء : سألت أبن عباس عن هذه الآية " تكلمهم "أو (( تكلمهم )) فقال : هي والله تكلمهم وتكلمهم ، تكلم المؤمن وتكلم الكافر والفاجر أي تجرحه .وقال أبو حاتم : (( تكلمهم )) كما تقول تجرحهم ، يذهب إلى أنه تكثير من (( تكلمهم )) . " الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " وقرأ الكوفيون و ابن ابي إسحاق و يحيى : ( أن ) بالفتح . وقرأ أهل الحرمين وأهل الشام وأهل البصرة : ( إن ) بكسر الهمزة . قال النحاس : في المفتوحة قولان وكذا المكسورة ، قال الأحفش : المعنى بأن وكذا قرأ بان مسعود ( بأن ) وقال أبو عبيدة : موضعها نصب بوقوع الفعل عليها ، أي تخبرهم أن الناس . وقرأ الكسائي و الفراء : ( إن الناس ) بالكسر على الاستئناف . وقال الأحفش : هي بمعنى تقول إن الناس ، يعني الكفار . بآياتنا لا يوقنون يعني بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك حين لا يقبل الله من كافر إيماناً ولم يبق إلا مؤمنون وكافرون في علم الله قبل خروجها ، والله أعلم .
هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق, يخرج الله لهم دابة من الأرض, قيل: من مكة, وقيل: من غيرها كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى فتكلم الناس على ذلك, قال ابن عباس والحسن وقتادة ويروى عن علي رضي الله عنه: تكلمهم كلاماً, أي تخاطبهم مخاطبة, وقال عطاء الخراساني : تكلمهم فتقول لهم: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. ويروى هذا عن علي واختاره ابن جرير وفي هذا القول نظر لا يخفى, والله أعلم. وقال ابن عباس في رواية: تجرحهم, وعنه رواية قال: كلا تفعل هذا وهذا, وهو قول حسن ولا منافاة, والله أعلم.
وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث وآثار كثيرة فلنذكر منها ما تيسر والله المستعان. قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن فرات , عن أبي الطفيل , عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة, فقال: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها, والدخان والدابة! وخروج يأجوج ومأجوج, وخروج عيسى ابن مريم عليه السلام, والدجال, وثلاثة خسوف: خسف بالمغرب, وخسف بالمشرق, وخسف بجزيرة العرب, ونار تخرج من قعر عدن تسوق أو تحشر الناس, تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا" وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من طرق عن فرات القزاز , عن أبي الطفيل عامر بن واثلة , عن حذيفة موقوفاً. وقال الترمذي : حسن صحيح. ورواه مسلم أيضاً من حديث عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عنه مرفوعاً, فالله أعلم.
(طريق أخرى) قال أبو داود الطيالسي عن طلحة بن عمرو وجرير بن حازم , فأما طلحة فقال: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن عمير الليثي : أن أبا الطفيل حدثه عن حذيفه بن أسيد الغفاري أبي سريحة , وأما جرير فقال: عن عبد الله بن عبيد عن رجل من آل عبد الله بن مسعود . وحديث طلحة أتم وأحسن قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: "لها ثلاث خرجات من الدهر: فتخرج خرجة من أقصى البادية, ولا يدخل ذكرها القرية ـ يعني مكة ـ ثم تكمن زمناً طويلاً, ثم تخرج خرجة أخرى دون تلك, فيعلو ذكرها في أهل البادية ويدخل ذكرها القرية" يعني مكة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها المسجد الحرام, لم يرعهم إلا وهي تدنو بين الركن والمقام, تنفض عن رأسها التراب, فارفض الناس عنها شتى ومعاً, وبقيت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنهم لم يعجزوا الله, فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري, وولت في الأرض لا يدركها طالب, ولا ينجو منها هارب, حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول: يا فلان الان تصلي, فيقبل عليها فتسمه في وجهه, ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال ويصطحبون في الأمصار, يعرف المؤمن من الكافر, حتى إن المؤمن ليقول: يا كافر اقضني حقي, وحتى إن الكافر ليقول: يا مؤمن اقضني حقي" ورواه ابن جرير من طريقين عن حذيفة بن أسيد موقوفاً, والله أعلم. ورواه من رواية حذيفة بن اليمان مرفوعاً, وأن ذلك في زمان عيسى ابن مريم, وهو يطوف بالبيت ولكن إسناده لا يصح.
(حديث آخر) قال مسلم بن الحجاج : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا محمد بن بشر عن أبي حيان عن أبي زرعة عن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الايات خروجاً طلوع الشمس من مغربها, وخروج الدابة على الناس ضحى, وأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريباً".
(حديث آخر) روى مسلم في صحيحه من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال ستاً, طلوع الشمس من مغربها, والدخان, والدجال, والدابة, وخاصة أحدكم, وأمر العامة" تفرد به, وله من حديث قتادة عن الحسن عن زياد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال ستاً: الدجال, والدخان, ودابة الأرض, وطلوع الشمس من مغربها, وأمر العامة, وخويصة أحدكم".
(حديث آخر) قال ابن ماجه : حدثنا حرملة بن يحيى , حدثنا ابن وهب , أخبرني عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها, والدخان, والدابة, والدجال, وخويصة أحدكم, وأمر العامة" تفرد به.
(حديث آخر) قال أبو داود الطيالسي : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام, فتخطم أنف الكافر بالعصا, وتجلي وجه المؤمن بالخاتم, حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر" ورواه الإمام أحمد عن بهز وعفان ويزيد بن هارون ثلاثتهم عن حماد بن سلمة به, وقال: "فتخطم أنف الكافر بالخاتم, وتجلو وجه المؤمن بالعصا, حتى إن أهل الخوان الواحد ليجتمعون فيقول: هذا يا مؤمن, ويقول: هذا يا كافر" ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس بن محمد المؤدب عن حماد بن سلمة به.
(حديث آخر) قال ابن ماجه : حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو , حدثنا أبو نميلة , حدثنا خالد بن عبيد حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: ذهب بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية قريب من مكة, فإذا أرض يابسة حولها رمل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخرج الدابة من هذا الموضع" فإذا فتر في شبر, قال ابن بريدة : فحججت بعد ذلك بسنين فأرانا عصاً له, فإذا هو بعصاي هذه كذا وكذا, وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة أن ابن عباس قال: هي دابة ذات زغب لها أربع قوائم من بعض أودية تهامة.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن رجاء , حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية قال: قال عبد الله : تخرج الدابة من صدع من الصفا, كجري الفرس ثلاثة أيام لم يخرج ثلثها, وقال محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح قال: سئل عبد الله بن عمرو عن الدابة فقال: الدابة تخرج من تحت صخرة بجياد, والله لو كنت معهم أو لو شئت بعصاي الصخرة التي تخرج الدابة من تحتها. قيل: فتصنع ماذا يا عبد الله بن عمرو , فقال: تستقيل المشرق فتصرخ صرخة تنفذه, ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة تنفذه, ثم تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه, ثم تروح من مكة فتصبح بعسفان, قيل ثم ماذا ؟ قال لا أعلم, وعن عبد الله بن عمر أنه قال: تخرج الدابة ليلة جمع. رواه ابن أبي حاتم , وفي إسناده ابن البيلمان .
وعن وهب بن منبه : أنه حكى من كلام عزير عليه السلام أنه قال: وتخرج من تحت سدوم دابة تكلم الناس كل يسمعها, وتضع الحبالى قبل التمام, ويعود الماء العذب أجاجاً, ويتعادى الأخلاء وتحرق الحكمة, ويرفع العلم, وتكلم الأرض التي تليها, وفي ذلك الزمان يرجو الناس ما لا يبلغون, ويتعبون فيما لاينالون, ويعملون فيما لا يأكلون, رواه ابن أبي حاتم عنه, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو صالح كاتب الليث , حدثني معاوية بن صالح عن أبي مريم أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: إن الدابة فيها من كل لون, ما بين قرنيها فرسخ للراكب. وقال ابن عباس : هي مثل الحربة الضخمة, وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إنها دابة لها ريش, وزغب, وحافر, وما لها ذنب, ولها لحية, وإنها لتخرج حضر الفرس الجواد ثلاثاً, وما خرج ثلثها, رواه ابن أبي حاتم .
وقال ابن جريج عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال: رأسها رأس ثور, وعينها عين خنزير وأذنها أذن فيل, وقرنها قرن أيل, وعنقها عنق نعامة, وصدرها صدر أسد, ولونها لون نمر, وخاصرتها خاصرة هر, وذنبها ذنب كبش, وقوائمها قوائم بعير, بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعاً, تخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان, فلا يبقى مؤمن إلا نكتت في وجهه بعصا موسى نكتة بيضاء, فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه, ولا يبقى كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان, فتفشو تلك النكتة السوداء حتى يسود بها وجهه, حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق بكم ذا يا مؤمن, بكم ذا يا كافر ؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم فيعرفون مؤمنهم من كافرهم, ثم تقول لهم الدابة: يا فلان أبشر أنت من أهل الجنة, ويا فلان أنت من أهل النار. فذلك قول الله تعالى: "وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون".
فقال: 82- "وإذا وقع القول عليهم".
واختلف في معنى وقوع القول عليهم، فقال قتادة: وجب الغضب عليهم. وقال مجاهد: حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون، وقيل حق العذاب عليهم، وقيل وجب السخط، والمعاني متقاربة. وقيل المراد بالقول ما نطق به القرآن من مجيء الساعة وما فيها من فنون الأهوال التي كانوا يستعجلونها، وقيل وقع القول بموت العلماء وذهاب العلم، وقيل إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. والحاصل أن المراد بوقع وجب، والمراد بالقول مضمونه، أو أطلق المصدر على المفعول: أي المقول، وجواب الشرط "أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم".
واختلف في هذه الدابة على أقوال، فقيل إنها فصيل ناقة صالح يخرج عند اقتراب القيامة ويكون من أشراط الساعة. وقيل هي دابة ذات شعر وقوائم طوال يقال لها الجساسة. وقيل هي دابة على خلقة بني آدم وهي في السحاب وقوائمها في الأرض. وقيل رأسها رأس ثور وعينها عين خنزير وأذنها أذن فيل وقرنها قرن إيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصل ومفصل إثنا عشر ذراعاً. وقيل هي الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة، والمراد أنها هي التي تخرج في آخر الزمان وقيل هي دابة ما لها ذنب ولها لحية وقيل هي إنسان ناطق متكلم يناظر أهل البدع ويراجع الكفار، وقيل غير ذلك مما لا فائدة في التطويل بذكره وقد رجح القول الأول القرطبي في تفسيره.
واختلف من أي موضع تخرج؟ فقيل من جبل الصفا بمكة، وقيل تخرج من جبل أبي قبيس. وقيل لها ثلاث خرجات: خرجة في بعض البوادي حتى يتقاتل عليها الناس، وتكثر الدماء ثم تكمن، وتخرج في القرى ثم تخرج من أعظم المساجد وأكرمها وأشرفها، وقيل تخرج من بين الركن والمقام، وقيل تخرج في تهامة، وقيل من مسجد الكوفة من حيث فار التنور، وقيل من أرض الطائف، وقيل من صخرة من شعب أجياد، وقيل من صدع في الكعبة.
واختلف في معنى قوله تكلمهم فقيل: تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام وقيل تكلمهم بما يسوؤهم وقيل تكلمهم بقوله تعالى: "أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون" أي بخروجها لأن خروجها من الآيات. قرأ الجمهور تكلمهم من التكليم، ويدل عليه قراءة أبي تنبئهم وقرأ ابن عباس وأبو زرعة وأبو رجاء والحسن: تكلمهم بفتح الفوقية وسكون الكاف من الكلم، وهو الجرح. قال عكرمة: أي تسمهم وسماً، وقيل تجرحهم، وقيل إن قراءة الجمهور مأخوذة من الكلم بفتح الكاف وسكون اللام وهو الجرح، والتشديد للتكثير، قاله أبو حاتم. قرأ الجمهور: " أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " بكسر إن على الاستئناف، وقرأ الكوفيون وابن أبي إسحاق بفتح "أن" قال الأخفش: المعنى على قراءة الفتح بأن الناس وكذا قرأ ابن مسعود بأن الناس بالباء. وقال أبو عبيد: موضعها نصب بوقوع الفعل عليها: أي تخبرهم أن الناس، وعلى هذه القراءة فالذي تكلم الناس به هو قوله: "أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون" كما قدمنا الإشارة إلى ذلك. وأما على قراءة الكسر فالجملة مستأنفة كما قدمنا، ولا تكون من كلام الدابة. وقد صرح بذلك جماعة من المفسرين، وجزم به الكسائي والفراء. وقال الأخفش: إن كسر إن هو على تقدير القول أي تقول لهم إن الناس إلخ، فيرجع معنى القراءة الأولى على هذا إلى معنى القراءة الثانية، والمارد بالناس في الآية: هم الناس على العموم، فيدخل في ذلك كل مكلف، وقيل المراد الكفار خاصة، وقيل كفار مكة، والأول أولى.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "عسى أن يكون ردف لكم" قال: اقترب لكم. وأخرج ابن أبي حاتم عنه "وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" قال: يعلم ما عملوا بالليل والنهار. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً "وما من غائبة" الآية يقول: ما من شيء في السماء والأرض سراً ولا علانية إلا يعلمه. وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد وعبد ابن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر في قوله: "وإذا وقع القول عليهم" الآية قال: إذا لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر. وأخرجه ابن مردويه عنه مرفوعاً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية أنه فسر "وقع القول عليهم" بما أوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "دابة من الأرض تكلمهم" قال: تحدثهم. وأخرج ابن جرير عنه قال كلامها تنبئهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي داود نفيع الأعمى قال: سألت ابن عباس عن قوله: "تكلمهم" يعني هل هو من التكليم باللسان أو من الكلم وهو الجرح، فقال: كل ذلك والله تفعل تكلم المؤمن وتكلم الكافر: أي تجرحه. وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عمر في الآية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس ذلك حديث ولا كلام، ولكنها سمة تسم من أمرها الله به، فيكون خروجها من الصفا ليلة منى، فيصبحون بين رأسها وذنبها لا يدحض داحض ولا يجرح جارح، حتى إذا فرغت مما أمرها الله به فهلك من هلك ونجا من نجا، كان أول خطوة تضعها بإنطاكية". وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: الدابة ذات وبر وريش مؤلفة فيها من كل لون، لها أربع قوائم تخرج بعقب من الحاج. وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تخرج الدابة فتسم على خراطيمهم، ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل الدابة، فيقال له ممن اشتريتها؟ فيقول: من الرجل المخطم". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس إن للدابة ثلاثة خرجات، وذكر نحو ما قدمنا. وأخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد رفعه قال "تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة". وأخرج سعيد بن منصور ونعيم بن حماد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: تخرج من بعض أودية تهامة. وأخرج الطيالسي وأحمد ونعيم بن حماد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: تخرج من بعض أودية تهامة. وأخرج الطيالسي وأحمد ونعيم بن حماد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمن بالخاتم، وتخطم أنف الكافر بالعصا، حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر". وأخرج الطيالسي ونعيم بن حماد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: لها ثلاث خرجات من الدهر" وذكر نحو ما قدمنا في حديث طويل. وفي صفتها ومكان خروجها وما تصنعه ومتى تخرج أحاديث كثيرة بعضها صحيح، وبعضها حسن، وبعضها ضعيف. وأما كونها تخرج، وكونها من علامات الساعة فالأحاديث الواردة في ذلك صحيحة. ومنها ما هو ثابت في الصحيح كحديث حذيفة مرفوعاً "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات" وذكر منها الدابة فإنه في صحيح مسلم وفي السنن الأربعة وكحديث "بادروا بالأعمال قبل طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدابة" فإنه في صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة مرفوعاً، وكحديث ابن عمر مرفوعاً "إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى" فإنه في صحيح مسلم أيضاً.
قوله تعالى: 82- "وإذا وقع القول عليهم"، وجب العذاب عليهم، وقال قتادة: إذا غضب الله عليهم، "أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم"، واختلفوا في كلامها، فقال السدي: تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام.
وقال بعضهم: كلامها أن تقول لواحد: هذا مؤمن، وتقول لآخر: هذا كافر.
وقيل كلامها ما قال الله تعالى: "أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون".
قال مقاتل تكلمهم بالعربية، فتقول: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، تخبر الناس أن أهل مكة لم يؤمنوا بالقرآن والبعث.
قرأ أهل الكوفة: أن الناس بفتح الألف، أي: بأن الناس، وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف، أي: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون قبل خروجها.
قال ابن عمر: وذلك حين لا يؤمر بمعروف ولا ينهى عن منكر.
وقرأ سعيد بن جبير، وعاصم الجحدري، وأبو رجاء العطاردي: تكلمهم بفتح التاء وتخفيف اللام من الكلم وهو الجرح.
قال أبو الجوزاء: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية: تكلمهم أو تكلمهم؟ قال: كل ذلك تفعل، تكلم المؤمن، وتكلم الكافر.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن الطيسفوني، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني، أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا إسماعيل بن جعفر، أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، وخاصة أحدكم، وأمر العامة".
أخبرنا إسماعيل بن عبد الله، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، أخبرنا مسلم بن الحجاج، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا محمد بن بشر، عن أبي حيان، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن اول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريباً".
وأخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا عبد الله الحسين بن أحمد ابن فنجويه، أخبرنا أبو بكر بن خرجة، أخبرنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، أخبرنا هشيم ابن حماد، أخبرنا عمرو بن محمد العبقري، عن طلحة بن عمرو، عن عبد الله بن عمير الليثي، عن أبي سريحة الأنصاري عن النبي صلى الله عليه ولم قال:يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر، فتخرج خروجاً بأقصى اليمن فيفشو ذكرها بالبادية/ ولا يدخل ذكرها القرية، يعني مكة، ثم تمكث زماناً طويلاً، ثم تخرج خرجة أخرى قريباً من مكة، فيفشو ذكرها بالبادية، ويدخل ذكرها القرية - يعني مكة - فبينما الناس يوماً في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها على الله عز وجل -يعني المسجد الحرام- لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنو وتدنو كذا قال ابن عمر، وما بين الركن الأسود إلى باب بني مخزوم عن يمين الخارج في وسط من ذلك فارفض الناس عنها وثبتت لها عصابة عرفوا أنهم لم يعجزوا الله، فخرجت عليهم تنفض رأسها من التراب فمرت بهم فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية، ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب، حتى أن الرجل ليقوم فيتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول:يا فلان الآن تصلي؟ فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه، فيتجاوز الناس في ديارهم، ويصتحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال، يعرف الكافر من المؤمن، فيقال للمؤمن: يا مؤمن، ويقال للكافر: يا كافر.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني الحسن بن محمد، أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، أخبرنا أبي، حدثنا بهز، حدثنا حماد، هو ابن أبي سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن أوس بن خالد، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تخرج الدابة ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتحطم أنف الكافر بالخاتم حتى أن أهل الخوان ليجتمعون فيقول هذا يا مؤمن ويقول هذا يا كافر".
وروي عن علي قال: ليست بدابة لها ذنب، ولكن لا لحية، كأنه يشير إلى أنه رجل والأكثرون على أنها دابة.
وروى ابن جريج عن أبي الزبير أنه وصف الدابة فقال: رأسها رأس الثور وعينها عين الخنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل، وصدرها صدر أسد، ولونها لوننمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعاً، ومعها عصا موسى، وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نكتته في مسجده بعصا موسى نكتة بيضاء يضيء لها وجهه، ولا يبقى كافر إلا نكتت وجهه بخاتم سليمان فيسود لها وجهه، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق: بكم يا مؤمن؟ بكم يا كافر؟ ثم تقول له الدابة: يا فلان أنت من أهل الجنة، ويا فلان أنت من أهل النار، فذلك قوله عز وجل: "وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض" الآية.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني عقيل بن محمد الجرجاني الفقيه، أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا البغدادي، أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، أخبرنا أبو كريب، أخبرنا الأشجعي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن ابن عمر قال: تخرج الدابة من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها.
وبه عن محمد بن جرير الطبري قال: حدثني عصام بن داود بن الجراح، حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن سعيد، أخبرنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة، قلت: يا رسول الله من أين تخرج؟ قال: من أعظم المساجد حرمة على الله، بينما عيسى يطوف بالبت ومعه المسلمون إذ تضرب الأرض تحتهم، وتنشق الصفا مما يلي المشعر، وتخرج الدابة من الصفا أول ما يبدر منها رأسها ملمعة ذات وبر وريش، لن يدركها طالب ولن يفوتها هارب، تسمي الناس مؤمناً وكافراً، أما المؤمن فتترك وجهه كأنه كوكب دري وتكتب بين عينيه مؤمن، وأما الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء، وتكتب بين عينيه كافر".
وروي عن ابن عباس: أنه قرع الصفا بعصاه وهو محرم، وقال: إن الدابة لتسمع قرع عصاي هذه.
وعن عبد الله بن عمرو، قال: تخرج الدابة من شعب فيمس رأسها السحاب ورجلاها في الأرض ما خرجتا، فتمر بالإنسان يصلي فتقول: ما الصلاة من حاجتك، فتخطمه
وعن ابن عمر قال: تخرج الدابة ليلة جمع، والناس يسيرون إلى منى.
وعن سهيل بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بئس الشعب شعب أجياد، مرتين أو ثلاثاً، قيل: ولم ذلك يا رسول الله؟قال: تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات يسمعها من بين الخافقين".
وقال وهب: وجهها وجه رجل سائر خلقها كخلق الطير، فتخبر من رآها أن أهل مكة كانوا بمحمد والقرآن لا يوقنون.
82 -" وإذا وقع القول عليهم " إذا دنا وقوع معناه وهو ما وعدوا به من البعث والعذاب . " أخرجنا لهم دابةً من الأرض " وهي الجساسة روي أن طولها ستون ذراعاً ولها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان ، لا يفوتها هارب ولا يدركها طالب . وروي أنه عليه الصلاة والسلام " سئل من أين مخرجها فقال : من أعظم المساجد حرمة على الله " ، يعني المسجد الحرام . " تكلمهم " من الكلام ، وقيل من الكلم إذ قرئ (( تكلمهم )) . وروي أنها تخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما الصلاة والسلام ، فتنكت بالعصا في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فيبيض وجهه ، وبالخاتم في أنف الكافر نكتة سوداء فيسود وجهه . " أن الناس كانوا بآياتنا " خروجها وسائر أحوالها فإنها من آيات الله تعالى . وقيل القرآن ، وقرأ الكوفيون أن الناس بالفتح . " لا يوقنون " لا يتيقنون ، وهو حكاية معنى قولها أو حكايتها لقول الله عز وجل أو علة خروجها ، أو تكلمها على حذف الجار .
82. And when the word is fulfilled concerning them, We shall bring forth a beast of the earth to speak unto them because mankind had not faith in Our revelations.
82 - And when the Word is fulfilled against them (the unjust), we shall produce from the earth a Beast to (face) them: He will speak to them, for that mankind did not Believe with assurance in Our Signs.