84 - (فاستجبنا له) نداءه (فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله) أولاده الذكور والإناث بأن احيوا له وكل من الصنفين ثلاث أو سبع (ومثلهم معهم) من زوجته وزيد في شبابها وكان له أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين أفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض (رحمة) مفعول له (من عندنا) صفة (وذكرى للعابدين) ليصبروا فيثابوا
القول في تأويل قوله تعالى " فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين "
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه اليماني وغيره من أهل الكتاب الأول أنه كان من حديث أيوب أنه كان رجلا من الروم ، وكان الله قد اصطفاه ونبأه ، وابتلاه في الغنى بكثرة الولد والمال ، وبسط عليه من الدنيا ، فوسع عليه في الزرق ن وكانت له البثنية من أرض الشأم ، أعلاها وأسفلها وجبلها ، وكان له فيها من أصناف المال كله ، من الإبل والبقر والغنم والخيل والحمير ما لا يكون للرجل أفضل منه في العدة والكثرة ، وكان اله قد أعطاه أهلا وولدا من رجال ونساء ، وكان برا تقيا رحيما بالمساكين ، يطعم المساكين ، يحمل الأرامل ، ويكفل الأيتام ، ويكرم الضيف ، ويبلغ ابن السبيل ، وكان شاكرا لأنعم الله عليه ، مؤديا لحق اله في الغنى ، قد امتنع من عدو الله إبليس أن يصيب منه ما أصاب أهل الغنى من العزة والغفلة ، والسهو والتشاغل عن أمر الله بما هو فيه من الدنيا ، وكان معه ثلاثة قد آمنوا به وصدقوه ، وعرفوا فضل ما أعطاه الله على من سواه منهم رجل من أهل اليمن يقال له : أليفز ، ورجلان من أهل بلاده يقال لأحدهما : صوفر وللآخر : بلدد ، وكانا من بلاده كهولا ، وكان لإبليس عدو الله منزل من السماء السابعة يقع به كل سنة موقعا يسأل فيه ، فصعد إلى السماء في ذلك اليوم الذي كان يصعد فيه ، فقال الله له ، أو قيل له عن الله : هل قدرت من أيوب عبدي على شيء ؟ قال : أي رب وكيف أقدر منه على شيء ؟ أو إنما ابتليته بالرخاء والنعمة والسعة والعافية ، وأعطيت الأهل والمال والولد والغنى والعافية في جسده وأهله وماله ،فما له لا يشكرك ويعبدك ويطيعك ، وقد صنعت ذلك به ، لو ابتليته بنزع ما أعطيته لحال عما كان عليه من شكرك ، والترك عبادتك ، ولخرج من طاعتك إلى غيرها ، أو كما قال عدو الله ، فقال : قد سلطتك على أهله وماله ، وكان الله هو أعلم به ،و لم يسلطه عليه إلا رحمة ليعظم له الثواب بالذي يصيبه من البلاء ، وليجعله عبرة للصابرين ، وذكرى للعابدين في كل بلاء نزل بهم ، لتيأسوا به ، وليرجوا من عاقبة الصبر في عرض الدنيا ثواب الآخرة وما صنع الله بأيوب ، فانحط عدو الله سريعا ، فجمع عفاريت الجن و مردة الشياطين من جنوده ، فقال : إني قد سلطت على أهل أيوب و ماله ، فماذا عليكم ؟ فقال قائل منهم : أكون إعصارا فيه نار ، فلا أمر بشيء من ماله إلا أهلكته ، قال :أنت و ذاك ، فخرج حتى أتى إبله ، فأحرقها و رعاتها جميعا ، ثم جاء عدو الله إلى أيوب في صورة قيمه عليها و هو في مصلى فقال : يا أيوب أقبلت نار حتى غشيت إبلك فأحرقتها و من فيها غيري ، فجئتك أخبرك بذلك ، فعرفه أيوب ، فقال : الحمد لله الذي هو أعطاها ، و هو أخذها ، الذي أخرجك منها كما يخرج الزوان من الحب النقي ، ثم انصرف عنه ، فجعل يصيب ماله مالا حتى مر على آخره ، كلما انتهى إليه هلاك مال من ماله حمد الله و أحسن عليه الثناء و رضي بالقضاء ، ووطن نفسه بالصبر على البلاء ، حتى إذا لم يبق له مال أتى أهله وولده ، وهم في قصر لهم معهم حظيانهم و خدامهم ، فتمثل ريحا عاصفا ، فاحتمل القصر من نواحيه ، فألقاه على أهله وولده ، فشدخهم تحته ، ثم أتاه في صورة قهرمانه عليهم ، قد شدخ وجهه ، فقال : يا أيوب قد أتت ريح عاصف ، فاحتملت القصر من نواحيه ، ثم ألقته على أهلك وولدك فشدختهم غيري ، فجئتك أخبرك ذلك ، فلم يجزع على شيء أصابه جزعه عل أهله وولده ، و أخذ ترابا فوضعه على رأسه ، ثم قال : ليت أمي لم تلدني ، و لم أك شيئا ، وسر بها عدو الله منه ، فأصعد إلى السماء جذلا ، و راجع أيوب التوبة مما قال، فحمد الله ، فسبقت توبته عدو الله إلى الله ، و مراجعته . قال: أي رب فسلطني على جسده ، قال : قد سلطتك على جسده إلا على لسانه و قلبه و نفسه و سمعه و بصره فأقبل إليه عدو الله وهو ساجد ، فنفخ في جسده نفخة أشعل ما بين قرنه إلى قدمه ، كحريق النار ،ثم خرج في جسده ثآليل كأليات الغنم ، فحك بأظفاره حتى ذهبت ، ثم بالفخار و الحجارة حتى تساقط لحمه ، فلم يبق منه إلا العروق و العصب و العظام ،عيناه تجولان في رأسه للنظر ، و قلبه للعقل ،و لم يخلص إلى شيء من حشو البطن ، لأنه لا بقاء للنفس إلا به ، فهو يأكل و يشرب على التواء من حشوته ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث .
فحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : فحدثني محمد بن إسحاق ، قال: و كان وهب بن منبه ،يقول : لبث في ذلك البلاء ثلاث سنين لم يزد يوما واحدا ، فلما غلبه أيوب فلم يستطع منه شيئا ، اعترض لامرأته في هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم و الجسم و الطول على مركب ليس من مراكب الناس ،له عظم و بهاء و جمال ليس لها ، فقال لها :أنت صاحبة أيوب هذا الرجل المبتلى ؟ قالت نعم ،قال: هل تعرفيني؟ قالت :لا ،قال:فأنا إله الأرض ، و أنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت ، وذلك أنه عبد إله السماء و تركني فأغضبني ،و لو سجد لي سجدة واحدة رددت عليه و عليك كل ما كان لكما من مال وولد ، فإنه عندي ، ثم أراها إياهم فيما ترى ببطن الوادي الذي لقيها فيه . قال: و قد سمعت أنه إنما قال لو أن صاحبك أكل طعاما و لم يسم عليه لعوفي مما به من البلاء ، و الله أعلم . و أراد عدو الله ، أن يأتيه من قبلها ، فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها و ما أراها ، قال: أو قد أتاك عدو الله ، ليفتنك عن دينك ؟ ثم أقسم إن الله عافاه ليضربنها مئة ضربة ، فلما طال عليه البلاء ، جاءه أولئك النفر الذين كانوا معه قد آمنوا به و صدقوه ، معهم فتى حديث السن ، قد كان آمن به و صدقه ، فجلسوا إلى أيوب و نظروا إلى ما به من البلاء ، فأعظموا ذلك و فظعوا به ،و بلغ من أيوب صلوات الله عليه مجهوده ، و ذلك حين أراد الله أن يفرج عنه ما به ، فلما رأى أيوب ما أعظموا مما أصابه ، قال : أي رب لأي شيء خلقتني ؟ و لو كنت إذ قضيت على البلاء تركتني فلم تخلقني ، ليتني كنت دما ألقتني أمي ،ثم ذكر نحو حديث ابن عسكر ، عن إسماعيل بن عبد الكريم ،إلى : و كابدوا الليل ، و اعتزلوا الفراش ، و انتظروا الأسحار ،ثم زاد فيه : أولئك الآمنون الذي لا يخافون ، و لا يهتمون و لا يحزنون ، فأين عاقبة أمرك يا أيوب من عواقبهم .
قال فتى حضرهم . و سمع قولهم ، ولم يفطنوا له ، و لم يأبهوا لمجلسه ، و إنما قيضة الله لهم ،لما كان من جورهم في المنطق و شططهم ، فأراد الله أن يصغر به إليهم أنفسهم ، و أن يسفه بصغره لهم أحلامهم ،فلما تكلم تمادى في الكلام ، فلم يزدد إلا حكما ، و كان القوم من شأنهم الاستماع و الخشوع إذا و عظوا أو ذكروا ،فقال :إنكم تكلمتم قبلي أيها الكهول ،و كنتم أحق بالكلام و أولى به مني ،لحق أسنانكم ، و لأنكم جربتم قبلي ، ورأيتم وعلمتم ما لم أعلم ، و عرفتم ما لم أعرف ، و مع ذلك قد تركتم من القول أحسن من الذي قلتم ، و من الرأي أصوب من الذي رأيتم ، ومن الأمر أجمل من الذي أتيتم ، و من الموعظة أحكم من الذي وصفتم ، و قد كان لأيوب عليكم من الحق و الذمام أفضل من الذي وصفتم ، هل تدرون أيها الكهول حق من انتقصتم ؟ و حرمة من انتهكتم ؟ و من الرجل الذي عبتم و اتهمتم ؟ و لم تعلموا أيها الكهول أن أيوب نبي الله و خيرته و صفوته من أهل الأرض يومكم هذا ، اختاره الله لوحيه ، و اصطفاه لنفسه ، و أتمنه على نبوته ، ثم لم تعلموا و لم يطلعكم اله على أنه سخط شيئا من الكرامة التي أكرمه بها مذ آتاه ما آتاه إلى يومكم هذا ، فإن كان البلاء هن الذي أزرى به عندكم ، ووضعه في أنفسكم ، فقد علمتم أن الله يبتلي النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين ، ثم ليس من الله بهذه المنزلة ، و لا في النبوة و لا في الأثرة و لا في الفضيلة ولا في الكرامة ، إلا أنه أخ أحببتموه على وجه الصحابة ، لكان لا يجمل بالحكيم أن يعذل أخاه عند البلاء ، و لا يعيره بالمصيبة بما لا يعلم و هو مكروب حزين ،و لكن يرحمه و يبكي معه ، و يستغفر له ، و يحزن لحزنه ، و يدله على مراشد أمره ، و ليس بحكيم و لا رشيد من جهل هذا ،فالله الله أيها الكهول في أنفسكم .
قال : ثم أقبل على أيوب صلى الله عليه و سلم فقال: و قد كان في عظمة الله و جلاله و ذكر الموت ، ما يقطع لسانك ، و يكسر قلبك ، و ينسيك حججك ، ألم تعلم يا أيوب أن لله عبادا أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم ؟ و إنهم لهم الفصحاء النطقاء النبلاء الألباء ، العاملون بالله و بآياته ، و لكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم ، و اقشعرت جلودهم ، و انكسرت قلوبهم ، و طاشت عقولهم إعظاما لله ،و إعزازا و إجلالا فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله بالأعمال الزاكية ، يعدون أنفسهم مع الظالمين و الخاطئين ، و إنهم لأنزاه برآء ، و مع المقصرين و المفرطين ، و إنهم لأكياس أقوياء ، و لكنهم لا يستكثرون لله الكثير ، ولا يرضون لله بالقليل ، ولا يدلون عليه بالأعمال فهم مروعون مفزعون مغتمون خاشعون وجلون مستكينون معترفون ، متى ما رأيتهم يا أيوب .
قال أيوب : إن اله يزرع الحكمة بالرحمة في قلب الصغير و الكبير ، فمتى نبتت في القلب يظهرها الله على اللسان ، و ليست تكون الحكمة من قبل السن ، و لا الشبيبة ،و لا طول التجربة ، و إذا جعل الله العبد حكيما في الصيام لم يسقط منزله عند الحكماء ، و خن يرون عليه من الله نور الكرامة ، و لكنكم قد أعجبتكم أنفسكم ، و ظننتم أنكم عويتم بإحسانكم فهنالك بغيتم و تعززتم ، ولو نظرتم فيما بينكم وبين ربكم، ثم صدقتم أنفسكم لوجدتم لكم عيوبا سترها الله بالعافية التي ألبسكم ، و لكني قد أصبحت اليوم و ليس لي رأي ولا كلام معكم ، قد كنت فيما خلا مسموعا كلامي ، معروفا حقي ، منتصفا من خصمي ، قاهرا لمن هو اليوم يقهرني ، مهيبا مكاني ، و الرجال مع ذلك ينصتون لي و يوقروني ، فأصبحت اليوم قد انقطع رجائي ،ورفع حذري ، و ملني أهلي ،و عقني أرحامي ،و تنكرت لي معارفي ، ورغب عني صديقي ، و قطعني أصحابي، و كفرني أهل بيتي ،و جحدت حقوقي ، و نسيت صنائعي ، أصرخ فلا يصرخونني ، و أعتذر فلا يعذرونني ، و إن قضاءه هو الذي أذلني ، و أقمأني ، و أخسأني ، و إن سلطانه هو الذي أسقمني ، و أنحل جسمي ، و لو أن ربي نزع الهيبة التي في صدري ،و أطلق لساني حتى أتكلم بملء فمي ، ثم كان ينبغي للعبد أن يحاج عن نفسه ،لرجوت أن يعاقبني عند ذلك مما بي ، و لكنه ألقاني ،و تعالى عني ، فهو يراني ،ولا أراه ، و يسمعني و لا أسمعه ، لا نظر إلي فرحمني ، ولا دنا مني ولا أدناني ،فأدلي بعذري ، و أتكلم ببراءتي ،و أخاصم عن نفسي .
لما قال ذل كأيوب و أصحابه عنده ، أظله غمام حتى ظن أصحابه أنه عذاب ، ثم نودي منه ، ثم قيل له : يا أيوب ، إن الله يقول : ها أنا ذا قد دنوت منك ، و لم أزل منك قريبا ، فقم فأدل بعذرك الذي زعمت ، و تكلم ببراءتك ، و خاصم عن نفسك ، و اشدد إزارك ، ثم ذكر نحو حديث ابن عسكر ، عن إسماعيل ، إلى آخره ، و زاد فيه : ورحمتي سبقت غضبي ، فاركض برجلك هذا مغتسل بارد و شراب فيه شفاؤك ، و قد وهبت لك أهلك ، و مثلهم معهم ، و مالك و مثله معه . و زعموا : و مثله معه لتكون لمن خلفك آية ، و لتكون عبرة لأهل البلاء ، ثم خرج فجلس ، و أقبلت امرأته تلتمسه في مضجعه ،فلم تجده ، فقامت كالوالهة متلددة ، ثم قالت : يا عبد الله ، هل لك علم بالرجل المبتلى الذي كان ههنا ؟ قال : لا ، ثم تبسم ، فعرفته بمضحكه ، فاعتنقته .
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه ، قال: فحدثت عبد الله بن عباس حديثه ، و اعتناقها إياه ،فقال عبد الله : فو الذي نفس عبد الله بيده ما فارقته من عناقه حتى مر بها كل مال لهما وولد .
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : و قد سمعت بعض من يذكر الحديث عنه أنه دعاها حين سألت عنه ، فقال لها : و له تعرفينه إذ رأيته ؟ قالت : نعم ، و مالي لا أعرفه ؟ فتبسم ، ثم قال : ها أنا هو ، وقد فرج الله عني ما كنت فيه ، فعند ذلك اعتنقته . قال وهب ، : فأوحى الله في قسمه ليضربنها في الذي كلمته ، أن " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " ( ص : 44 ) أي قد برت يمينك ، يقول الله تعالى "إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب " ( ص : 44 ) يقول الله "ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا و ذكرى لأولي الألباب" (ص : 43 ) .
حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال: ثنا فضيل بن عياض ، عن هشام ، عن الحسن قال : لقد مكث أيوب مطروحا على كناسة سبع سنين و أشهرا ما يسأل الله أن يكشف ما به . قال: و ما على وجه الأرض خلق أكرم على الله من أيوب ،فيزعمون أن بعض الناس قال : لو كان لرب هذا فيه حاجة ما صنع به هذا ، فعند ذلك دعا .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ،قال: ثنا ابن علية ،عن يونس ، عن الحسن ،قال: بقي أبوب على كناسة لبني إسرائيل سبع سنين و أشهرا تختلف عليه الدواب .
حدثني محمد بن إسحاق ن قال : ثنا يحيى بن معين ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن وهب بن منبه ، قال : لم يكن بأيوب أكلة ، إنما كان يخرج به مثل ثدي النساء ثم ينقفه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا مخلد بن حسين ، عن هشام ، عن الحسن ، و حجاج عن مبارك ، عن الحسن : زاد أحدهما على الآخر قال : إن أيوب أتاه الله مالا ، وأوسع عليه وله من النساء والبقر والغنم والإبل ، وإن عدو الله إبليس قيل له : هل تقدر أن تفتن أيوب ؟ قال : رب إن أيوب أصبح في دنيا من مال وولد ، ولا يستطيع أن لا يشكرك ، ولكن سلطني على ماله وولده ، فسترى كيف يطيعني ويعصيك ، قال ك فسلطه على ماله وولده ، قال : فكان يأتي بالماشية من ماله من الغنم فيحرقها بالنيران ، ثم يأتي أيوب ، وهو يصلي متشبها براعي الغنم ، فيقول ك يا أيوب تصلي لربك ما ترك الله لك من ماشيتك شيئا من الغنم إلا حرقها بالنيران ، وكنت ناحية فجئت لأخبرك ، قال : فيقول أيوب : اللهم أنت أعطيت ، وأنت أخذت ، مهما تبقى نفسي أحمدك على حسن بلائك ، فلا يقدر منه على شيء مما يريد ، ثم يأتي ماشيته من البقر فيحرقها بالنيران ، ثم يأتي أيوب فيقول ذلك ، ويرد عليه أيوب مثل ذلك . قال : وكذلك فعل بالإبل حتى ما ترك له من ماشيته حتى هدم البيت على ولده ، فقال : يا أيوب أرسل الله على ولدك من هدم عليهم البيوت ، حتى هلكوا ، فيقول أيوب مثل ذلك ، قال رب هذا حين أحسنت إلي الإحسان كله ، قد كنت قبل اليوم يشغلني حب المال بالنهار ، ويشغلني حب الولد بالليل شفقة عليهم ، فالآن أفرغ سمعي وبصري وليلي ونهاري بالذكر والحمد ، والتقديس والتهليل ، فينصرف عدو الله من عنده لم يصب منه شيئا مما يريد .
قال : ثم إن الله تبارك وتعالى قال : : كيف رأيت أبوب ؟ قال إبليس : أيوب قد علم أنك سترد عليه ماله وولده . ولكن سلطني على جسده ، فإن أصابه الضر فيه أطاعني وعصاك ، قال : فسلط على جسده ، فأتاه فنفخ فيه نفخة قرح من لدن قرنه إلى قدمه ، قال : فأصابه البلاء بعد البلاء ، حتى حمل فوضع على مزبلة كناسة لبني إسرائيل ، فلم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ، ولا أحد يقربه غير زوجته ، صبرت معه بصدق ، وكانت تأتيه بطعام ، وتحمد الله معه إذا حمد ، وأيوب على ذلك لا يفتر من ذكر الله ، والتحميد والثناء على اله ن والصبر على ما ابتلاه الله . قال الحسن : فصرخ إبليس عدو الله صرخة جمع فيها جنوده من أقطار الأرض ، جزعا من صبر أيوب ، فاجتمعوا إليه وقالوا له : جمعتنا ، ما خبرك ؟ ما أعياك ؟ قال : أعياني هذا العبد الذي سألت ربي أن يسلطني على ماله وولده ، فلم ادع له مالا ولا ولدا ، فلم يزدد بذلك إلا صبرا وثناء على الله وتحميدا له ، ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل ، لا يقر به إلا امرأته ، فقد افتضحت بربي ، فاستعنت بكم ، فأعينوني عليه ، قال : فقالوا له : أين مكرك ؟ أين علمك الذي أهلكت به من مضى ، قال : بطل ذلك كله في أيوب ، فأشيروا علي ، قالوا : نشير عليك ، أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة ، من أين أتيته ؟ قال : من قبل امرأته ، قالوا : فشأنك بأيوب من قبل امرأته ، فإنه لا يستطيع أن يعصيها ، وليس أحد يقربه غيرها ، قال : أصبتم ، فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق فتمثل لها في صورة رجل ، فقال : أين بعلك يا أمة الله ؟ قالت : هو ذلك يحك قروحه ، ويتردد الدواب في جسده ، فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع ، فوقع في صدرها ، فوسوس إليها ، فذكرها ما كنت فيه من النعم والمال والدواب ، وذكرها جمال أيوب وشبابه ، وما هو فيه من الضر ، وأن ذلك لا ينقطع عنهم أبدا . قال الحسن : فصرخت ، فلما صرحت علم أن قد صرخت وجزعت ، أتاها بسخلة ، فقال : ليذبح هذا إلي أيوب ويبرأ ، قال : فجاءت تصرخ يا أيوب ، يا أيوب ، حتى متى يعذبك ربك ، ألا يرحمك ؟ أن الماشية ؟ أن المال ؟ أين الولد ؟ أين الصديق ؟ أن لونك الحسن قد تغير ، وصار مثل الرماد ؟ أن جسمك الحسن .
الذي قد بلى وتردد فيه الدواب ؟ ادبح هذه السخلة واسترح ، قال أيوب : أتاك عدو الله ، فنفخ فيك ، فوجد فيك رفقا ، وأجبته ؟ ويلك ! من أعطانيه ؟ قالت : الله ، قال : فكم متعنا به ؟ قالت : ثمانين سنة ، قال : فمذكم ابتلانا الله بهذا البلاء الذي ابتلانا به ؟ قالت : منذ سبع سنين وأشهر ، قال : ويلك ! والله ما عدلت ، ولا أنصفت ربك ، ألا صبرت حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا به ثمانين سنة ، كما كنا في الرخاء ثمانين سنة ؟ والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة ، هية أمرتيني أن أذبح لغيرالله طعامك وشرابك الذي تأتيني به على حرام ، أن أذوق ما تاتيني به بعد ، إذ قلت لي هذا فاغربي عني ، فلا أراك ، فطردها ، فذهبت ، 0فقال الشيطان : هذا قد وطن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو فيه ، فباء بالغلبة ورفضه . ونظر أيوب إلى امرأته وقد طردها ، وليس عنده طعام ، ولا شراب ، ولا صديق . قال الحسن : ومر به رجلان وهو على تلك الحال ، ولا والله ما على ظهر الأرض يومئذ أكرم على الله من أيوب ، فقال أحد الرجلين لصاحبه : لو كان لله في هذا حاجة ، ما بلغ به هذا ، فلم يسمع أيوب شيئا كان أشد عليه من هذه الكلمة .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن جرير بن حازم ، عن عبدالله بن عبيد بن عمير ، قال : كان لأيوب أخوان ، فأتياه ، فقاما من بعيد لا يقدران أن يدنوا منه من ريحه ، فقال أحدهما لصاحبه : لو كان الله علم في أيوب خيرا ما ابتلاه بما رأى ، قال : فما جزع أيوب من شيء أصابه جزعه من كلمة الرجل ، فقال أيوب : اللهم إن كنت تعلم أ،ي لم أبت ليلة شبعان قط وأنا أعلم مكان جائع فصدقني ، فصدق وهما يسمعان ، ثم قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أتخذ قميصين قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني ، فصدق وهما يسمعان ، قال : ثم خر ساجدا .
فحدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : فحدثني مخلد بن الحسين ، عن هشام ، عن الحسن ، قال : فقال رب إني مسني الضر ثم رد ذلك إلى ربه فقال " وأنت أرحم الراحمين " .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن جرير ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : فقيل له : ارفع رأسك فقد استجيب لك .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن مبارك ، عن الحسن و مخلد ، عن هشام ، عن الحسن ، دخل حديث أحدهما في الآخر قالا : فقيل له " اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " (ص : 42) فركض برجله فنبعت عين ، فاغتسل منها ، فلم يبق عليه من دائه شيء ظاهر إلا سقط ، فأذهب الله كل ألم وكل سقم ، وعاد إليه شبابه وجماله ، أحسن ما كان وأفضل ما كان ، ثم ضرب برجله ، فنبعت عين أخرى فشرب منها ، فلم يبق في جوفه داء إلا خرج ، فقام صحيحا ، وكسي حلة ، قال : فجعل يتلفت ولا يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله له ، حتى والله كر لنا أن الماء الذي اغتسل به ، تطاير على صدره جرادا من ذهب ، قال : فجعل يضمه بيده ، فأوحى الله إليه : يا أيوب ألم أغنك ؟ قال : بلى ، ولكنها بركتك ، فمن يشبع منها ، قال : فخرج حتى جلس على مكان مشرف ، ثم إن امرأته قالت : أرأيت إن كان طردني إلى من أكله ؟ أدعه يموت جوعا أو يضيع فتأكله السباع ؟ لأرجعن إليه فرجعت ، فلا كناسة ترى ، ولا من تلك الحال التي كانت ، وإذا الأمور قد تغيرت ، فجعلت تطوف حين كانت الكناسة وتبكي ، وذلك بعين أيوب ، قالت: وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأل عنه ، فأرسل إليها أيوب فدعاها ، فقال : ما تريدين يا أمة الله ؟ فبكت وقالت : أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذا على الكناسة ، لا أدري أضاع ، أم ما فعل ؟ قال لها أيوب : ما كان منك ؟ فبكت وقالت : بعلي ، فهل رأيته ؟ وهي تبكي إنه قد كان هاهنا ، قال : وهل تعرفينه إذا رأيته ؟ قالت : وهل يخفى على أحد رآه ؟ ثم جعلت تنظر إليه وهي تهابه ، ثم قالت : أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا . قال : فإني أنا أيوب الذي أمرتيني أن أذبح الشيطان ، وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ، فدعوت الله فرد علي ما ترين ، قال الحسن : ثم إن الله رحمها بصبرها معه على البلاء أن أمره تخفيفا عنها أن يأخذ جماعة من الشجر فيضربها ضربة واحدة تخفيفا عنها بصبرها معه .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر " ... إلى آخر الآيتين ، فإنه لما مسه الشيطان بنصب وعذاب ، أنساه الله الدعاء أن يدعوه ، فيكشف ما به من ضر ، غير ا،ه كان يذكر الله كثيرا ، ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيمان ، فلما انتهى الأجل ، وقضى الله أنه كاشف ما به من ضر أذن له في الدعاء ، ويسره له ، وكان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى : لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ، ثم لا أستجيب له ، فلما دعا استجاب له ، وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين رد إليه أهله ومثلهم معهم ، وأثنى عليه فقال : " إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب" ( ص : 44 ).
و اختلف أهل التأويل في الأهل الذي ذكر الله في قول " وآتيناه أهله و مثلهم معهم " أهم أهله الذين أوتيهم في الدنيا ، أم ذلك وعده وعده الله أيوب أن يفعل به في الآخرة ؟ فقال بعضهم : إنما آتى الله أيوب في الدنيا مثل أهله الذي هلكوا ، فإنهم ل يردوا عليه في الدنيا ، و إنما وعد الله أيوب أن يؤتيه إياهم في الآخرة .
حدثني أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن ليث ، قال : أرسل مجاهد ، رجلا يقال له قاسم إلى عكرمة يسأله عن قول الله لأيوب " و آتيناه أهله و مثلهم معهم " فقال : قيل له : إن أهلك لك في الآخرة ، فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا ، و إن شئت كانوا لك في الأخرة ، وآتيناك مثلهم في الدنيا ، فقال : يكونون لي في الآخرة ، و أوتى مثلهم في الدنيا ، قال: فرجع إلى مجاهد فقال أصاب .
و قال آخرون : بل ردهم إليه بأعيانهم ، و أعطاه مثلهم معهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ن قال : ثنا حكام بن سلم ، عن أبي سنان ، عن ثابت ، عن الضحاك ، عن ابن مسعود " وآتيناه أهله ومثلهم معهم " قال : أهله بأعيانهم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، لما دعا أيوب استجاب الله له ، و أبدله بكل شيء ذهب له ضعفين ، رد إليه أهله و مثلهم معهم .
حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال كثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد " ووهبنا له أهله ومثلهم معهم " (ص : 43 ) قال : أحياهم بأعيانهم ، ورد إليه مثلهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله " وآتيناه أهله ومثلهم معهم " قال: قيل له : إن شئت أحييناهم لك ، و إن شئت كانوا لك في الآخرة ، و تعطى مثلهم في الدنيا ، فاختار أن يكونوا في الآخرة و مثلهم في الدنيا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " و آتيناه أهله و مثلهم معهم " قال الحسن و قتادة : أحيا الله أهله بأعيانهم ، وزاده إليهم مثلهم .
و قال آخرون : بل آتاه المثل مهن نسل ماله الذي رده عليه و أهله ، فأما الأهل و المال فإنه ردهما عليه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن رجل ، عن الحسن " ومثلهم معهم " قال : من نسلهم .
و قوله " رحمة " نصبت بمعنى : فعلنا بهم ذلك رحمة منا له . و قوله " و ذكرى للعابدين " يقول : و تذكرة للعابدين ربهم ، فعلنا ذلك به ليعتبروا به ، و يعلموا أن الله قد يبتلي أولياءه و من أحب من عباده في الدنيا بضروب من البلاء في نفسه و أهله و ماله ، من غير هوان به عليه ، و لكن اختبارا منه له ليبلغ بصبره عليه ، و احتسابه إياه ،و حسن يقينه منزلته التي أعدها له تبارك و تعالى من الكرامة عنده .
و حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب القرظي ، في قوله " رحمة من عندنا وذكرى للعابدين " قال أيما مؤمن أصابه بلاء فذكر ما أصاب أيوب فلقيل : قد أصاب من هو خير منا نبيا من الأنبياء .
فقلت: ليس هذا شكاية وإنما كان دعاء، بيانه " فاستجبنا له " والإجابة تتعقب الدعاء لا الاشتكاء. فاستحسنوه وارتضوه. وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال: عرفه فاقة السؤال ليمن عليه بكرم النوال.
قوله تعالى: " فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم " قال مجاهد وعكرمة قيل لأيوب صلى الله عليه وسلم: قد آتيناك أهلك في الجنة فإن شئت تركناهم لك في الجنة وإن شئت آتيناكهم في الدنيا. قال مجاهد : فتركهم الله عز وجل له في الجنة وأعطاه مثلهم في الدنيا. قال النحاس : والإسناد عنهما بذلك صحيح.
قلت: وحكاه المهدوي عن ابن عباس. وقال الضحاك : قال عبد الله بن مسعود: كان أهل أيوب قد ماتوا إلا امرأته فأحياهم الله عز وجل في أقل من طرف البصر، وآتاه مثلهم معهم. وعن ابن عباس أيضاً: كان بنوه قد ماتوا فأحيوا له وولد له مثلهم معهم. وقاله قتادة وكعب الأحبار و الكلبي وغيرهم. قال ابن مسعود: مات أولاده وهم سبعة من الذكور وسبعة من الإناث فلما عوفي نشروا له، وولدت امرأته سبعة بنين وسبع بنات. الثعلبي : وهذا القول أشبه بظاهر الآية.
قلت: لأنهم ماتوا ابتلاء قبل آجالهم حسب ما تقدم بيانه في سورة ((البقرة)) في قصة " الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " [البقرة: 243]. وفي قصة السبعين الذين أخذتهم الصعقة فماتوا ثم أحيوا، وذلك أنهم ماتوا قبل آجالهم، وكذلك هنا والله أعلم. وعلى قول مجاهد وعكرمة يكون المعنى: " وآتيناه أهله " في الآخرة " ومثلهم معهم " في الدنيا. وفي الخبر: إن الله بعث إليه جبريل عليه السلام حين ركض برجله على الأرض ركضة فظهرت عين ماء حار، وأخذ بيده ونفضه فتناثرت عنه الديدان، وغاص في الماء غوصة فنبت لحمه وعاد إلى منزله، ورد الله عليه أهله ومثلهم معهم، ونشأت سحابة على قدر قواعد داره فأمطرت ثلاثة أيام بلياليها جراداً من ذهب. فقال له جبريل: أشبعت؟ فقال: ومن يشبع من الله! فضل. فأوحى الله إليه: قد أثنيت عليك بالصبر قبل وقوعك في البلاء وبعده، ولولا أني وضعت تحت كل شعرة منك صبراً ما صبرت. " رحمة من عندنا " أي فعلنا ذلك به رحمة من عندنا. وقيل: ابتليناه ليعظم ثوابه غداً. " وذكرى للعابدين " أي وتذكيراً للعباد، لأنهم إذا ذكروا بلاء أيوب وصبره عليه ومحنته له وهو أفضل أهل زمانه وطنوا أنفسهم على الصبر على شدائد الدنيا نحو ما فعل أيوب، فيكون هذا تنبيهاً لهم على إدامة العبادة، واحتمال الضرر. واختلف في مدة إقامته في البلاء، فقال ابن عباس: كانت مدة البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ليال. وهب: ثلاثين سنة. الحسن سبع سنين وستة أشهر. قلت: وأصح من هذا والله أعلم ثماني عشرة سنة، رواه ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن المبارك وقد تقدم.
يذكر تعالى عن أيوب عليه السلام, ما كان أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده, وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير وأولاد ومنازل مرضية, فابتلى في ذلك كله وذهب عن آخره, ثم ابتلي في جسده, يقال: بالجذام في سائر بدنه, ولم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه, يذكر بهما الله عز وجل, حتى عافه الجليس, وافرد في ناحية من البلد, ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجته كانت تقوم بأمره, ويقال: إنها احتاجت, فصارت تخدم الناس من أجله, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاء الأنبياء, ثم الصالحون, ثم الأمثل فالأمثل" وفي الحديث الاخر "يبتلى الرجل على قدر دينه, فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه" وقد كان نبي الله أيوب عليه السلام غاية في الصبر. وبه يضرب المثل في ذلك. وقال يزيد بن ميسرة : لما ابتلى الله أيوب عليه السلام بذهاب الأهل والمال والولد, ولم يبق شيء له أحسن الذكر, ثم قال: أحمدك رب الأرباب, الذي أحسنت إلي, أعطيتني المال والولد فلم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخله ذلك, فأخذت ذلك كله مني, وفرغت قلبي, فليس يحول بيني وبينك شيء, ولو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت حسدني. قال: فلقي إبليس من ذلك منكراً. قال: وقال أيوب عليه السلام: يا رب إنك أعطيتني المال والولد, فلم يقم على بابي أحد يشكوني لظلم ظلمته, وأنت تعلم ذلك, وأنه كان يوطأ لي الفراش فأتركها, وأقول لنفسي يا نفس إنك لم تخلقي لوطء الفراش ما تركت ذلك إلا ابتغاء وجهك. رواه ابن أبي حاتم .
وقد روي عن وهب بن منبه في خبره قصة طويلة, ساقها ابن جرير وابن أبي حاتم بالسند عنه, وذكرها غير واحد من متأخري المفسرين, وفيها غرابة تركناها لحال الطول, وقد روي أنه مكث في البلاء مدة طويلة ثم اختلفوا في السبب المهيج له على هذا الدعاء, فقال الحسن وقتادة : ابتلي أيوب عليه السلام سبع سنين وأشهراً, ملقى على كناسة بني إسرائيل, تختلف الدواب في جسده, ففرج الله عنه وأعظم له الأجر وأحسن عليه الثناء. وقال وهب بن منبه : مكث في البلاء ثلاث سنين, لا يزيد ولا ينقص وقال السدي : تساقط لحم أيوب حتى لم يبق إلا العصب والعظام, فكانت امرأته تقوم عليه وتأتيه بالرماد يكون فيه, فقالت له امرأته لما طال وجعه: يا أيوب لو دعوت ربك يفرج عنك, فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحاً, فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة, فجزعت من ذلك, فخرجت فكانت تعمل للناس بالأجر وتأتيه بما تصيب فتطعمه, وإن إبليس انطلق إلى رجلين من أهل فلسطين, كانا صديقين له وأخوين, فأتاهما فقال: أخوكما أيوب أصابه من البلاء كذا وكذا, فأتياه وزوراه, واحملا معكما من خمر أرضكما, فإنه إن شرب منه برىء, فأتياه فلما نظرا إليه بكيا, فقال: من أنتما ؟ فقالا: نحن فلان وفلان, فرحب بهما وقال: مرحباً بمن لا يجفوني عند البلاء, فقالا: يا أيوب لعلك كنت تسر شيئاً وتظهر غيره, فلذلك ابتلاك الله ؟ فرفع رأسه إلى السماء فقال: هو يعلم, ما أسررت شيئاً أظهرت غيره, ولكن ربي ابتلاني لينظر أصبر أم أجزع. فقالا له: يا أيوب اشرب من خمرنا, فإنك إن شربت منه برأت. قال: فغضب, وقال: جاءكما الخبيث فأمركما بهذا ؟ كلامكما وطعامكما وشرابكما علي حرام, فقاما من عنده, وخرجت امرأته تعمل للناس, فخبزت لأهل بيت لهم صبي, فجعلت لهم قرصاً, وكان ابنهم نائماً, فكرهوا أن يوقظوه فوهبوه لها, فأتت به إلى أيوب فأنكره وقال: ما كنت تأتيني بهذا, فما بالك اليوم ؟ فأخبرته الخبر, قال: فلعل الصبي قد استيقظ فطلب القرص فلم يجده فهو يبكي على أهله, فانطلقي به إليه, فأقبلت حتى بلغت درجة القوم, فنطحتها شاة لهم, فقالت: تعس أيوب الخطاء, فلما صعدت وجدت الصبي قد استيقظ وهو يطلب القرص ويبكي على أهله لا يقبل منهم شيئاً غيره, فقالت: رحمه الله, يعني أيوب, فدفعت إليه القرص ورجعت, ثم إن إبليس أتاها في صورة طبيب, فقال لها: إن زوجك قد طال سقمه, فإن أراد أن يبرأ فليأخذ ذبابا فليذبحه باسم صنم بني فلان, فإنه يبرأ ويتوب بعد ذلك, فقالت ذلك لأيوب, فقال: قد أتاك الخبيث, لله علي إن برأت أن أجلدك مائة جلدة, فخرجت تسعى عليه, فحظر عنها الرزق, فجعلت لا تأتي أهل بيت فيريدونها, فلما اشتد عليها ذلك وخافت على أيوب الجوع حلقت من شعرها قرناً فباعته من صبية من بنات الأشراف, فأعطوها طعاماً طيباً كثيراً, فأتت به إلى أيوب, فلما رآه أنكره وقال: من أين لك هذا ؟ قالت: عملت لأناس فأطعموني, فأكل منه, فلما كان الغد خرجت فطلبت أن تعمل فلم تجد, فحلقت أيضاً قرنا فباعته من تلك الجارية, فأعطوها أيضاً من ذلك الطعام, فأتت به أيوب فقال: والله لا أطعمه حتى أعلم من أين هو, فوضعت خمارها, فلما رأى رأسها محلوقاً جزع جزعاً شديداً, فعند ذلك دعا الله عز وجل, فقال: "نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين".
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا موسى بن إسماعيل , حدثنا حماد , حدثنا أبو عمران الجوني عن نوف البكالي أن الشيطان الذي عرج في أيوب كان يقال له مبسوط, قال: وكانت امرأة أيوب تقول: ادع الله فيشفيك, فجعل لا يدعو حتى مر به نفر من بني إسرائيل, فقال بعضهم لبعض: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه, فعند ذلك قال: "نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين". وحدثنا أبي , حدثنا أبو سلمة , حدثنا جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان لأيوب عليه السلام أخوان, فجاءا يوماً فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه, فقاما من بعيد, فقال أحدهما للاخر: لو كان الله علم من أيوب خيراً ما ابتلاه بهذا, فجزع أيوب من قولهما جزعاً لم يجزع من شيء قط, فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعان وأنا أعلم مكان جائع, فصدقني, فصدق من السماء وهما يسمعان, ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط, وأنا أعلم مكان عار, فصدقني, فصدق من السماء وهما يسمعان, ثم قال: اللهم بعزتك, ثم خر ساجداً, فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبداً حتى تكشف عني, فما رفع رأسه حتى كشف عنه.
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر مرفوعاً بنحو هذا, فقال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى , أخبرنا ابن وهب , أخبرني نافع بن يزيد عن عقيل عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له, كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما لصاحبه: تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين, فقال له صاحبه: وما ذاك ؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به, فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر له, فقال أيوب عليه السلام: ما أدري ما تقول, غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله, فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكرا الله إلا في حق, قال: وكان يخرج في حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ, فلما كان ذات يوم أبطأت عليه, فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن " اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " " رفع هذا الحديث غريب جداً. وروى ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا موسى بن إسماعيل , حدثنا حماد , أخبرنا علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: وألبسه الله حلة من الجنة, فتنحى أيوب فجلس في ناحية, وجاءت امرأته فلم تعرفه, فقالت: يا عبد الله أين ذهب هذا المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب, فجعلت تكلمه ساعة. فقال: ويحك أنا أيوب. قالت: أتسخر مني يا عبد الله ؟ فقال: ويحك أنا أيوب قد رد الله علي جسدي, وبه قال ابن عباس , ورد عليه ماله وولده عياناً ومثلهم معهم. وقال وهب بن منبه : أوحى الله إلى أيوب قد رددت عليك أهلك ومالك, ومثلهم معهم. فاغتسل بهذا الماء فإن فيه شفاءك وقرب عن صحابتك قرباناً, واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك. رواه ابن أبي حاتم .
وقال أيضاً: حدثنا أبو زرعة , حدثنا عمرو بن مرزوق , حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما عافى الله أيوب أمطر عليه جراداً من ذهب, فجعل يأخذ منه بيده ويجعله في ثوبه, قال: فقيل له: يا أيوب أما تشبع ؟ قال: يا رب ومن يشبع من رحمتك" أصله في الصحيحين وسيأتي في موضع آخر.
وقوله: "وآتيناه أهله ومثلهم معهم" قد تقدم عن ابن عباس أنه قال: ردوا عليه بأعيانهم, وكذا رواه العوفي عن ابن عباس أيضاً, وروي مثله عن ابن مسعود ومجاهد , وبه قال الحسن وقتادة , وقد زعم بعضهم أن اسم زوجته رحمة, فإن كان أخذ ذلك من سياق الاية فقد أبعد النجعة, وإن كان أخذه من نقل أهل الكتاب وصح ذلك عنهم, فهو مما لا يصدق ولا يكذب, وقد سماها ابن عساكر في تاريخه رحمه الله تعالى: قال: ويقال اسمها ليا بنت منشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم, قال: ويقال ليا بنت يعقوب عليه السلام زوجة أيوب كانت معه بأرض الثنية, وقال مجاهد : قيل له: يا أيوب إن أهلك لك في الجنة, فإن شئت أتيناك بهم, وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم ؟ قال: لا بل اتركهم لي في الجنة, فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا. وقال حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن نوف البكالي قال: أوتى أجرهم في الاخرة وأعطي مثلهم في الدنيا. قال: فحدثت به مطرفاً, فقال: ما عرفت وجهها قبل اليوم, وكذا روي عن قتادة والسدي وغير واحد من السلف, والله أعلم. قوله: "رحمة من عندنا" أي فعلنا به ذلك رحمة من الله به "وذكرى للعابدين" أي وجعلناه في ذلك قدوة لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا, وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء, وله الحكمة البالغة في ذلك.
فأخبر الله سبحانه باستجابته لدعائه، فقال: "فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر" أي شفاه الله مما كان به وأعاضه بما ذهب عليه، ولهذا قال سبحانه: "وآتيناه أهله ومثلهم معهم" قيل تركهم الله عز وجل له، وأعطاه مثلهم في الدنيا. قال النحاس: والإسناد بذلك صحيح، وقد كان مات أهله جميعاً إلا امرأته، فأحياهم الله في أقل من طرف البصر، وآتاه مثلهم معهم، وقيل كان ذلك بأن ولد له ضعف الذين أماتهم الله، فيكون معنى الآية على هذا: آتيناه مثل أهله ومثلهم معهم، وانتصاب "رحمة من عندنا" على العلة: أي آتيناه ذلك لرحمتنا له "وذكرى للعابدين" أي وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر.
واختلف في مدة إقامته على البلاء: فقيل سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ليال، وقيل ثلاثين سنة، وقيل ثماني عشرة سنة.
84. قوله عز وجل: " فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر "، وذلك أنه قال اركض برجلك فركض برجله فنبعت عين [ماء]، فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كل داء كان بظاهره، ثم مشى أربعين خطوة فأمره أن يضرب برجله الأرض مرة أخرى ففعل فنبعت عين ماء بارد، فأمره فشرب منها فذهب كل ذاء كان بباطنه كأصح ما يكون فنبعت عين ماء بارد، فأمره فشرب منها فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما يكون من الرجال وأجملهم.
" وآتيناه أهله ومثلهم معهم "، واختلفوا في ذلك، فقال ابن مسعود و قتادة ، وابن عباس، و الحسن ، وأكثر المفسرين: رد الله عز وجل إليه أهله وأولاده بأعيانهم أحياهم الله له وأعطاه مثلهم معهم، وهو ظاهر القرآن.
قال الحسن : آتاه الله المثل من نسل ماله الذي رده الله [إليه وأهله]، يدل عليه ما روى الضحاك وابن عباس أن الله عز وجل رد إلى المرأة شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكراً.
قال وهب كان له سبع بنات وثلاثة بنين.
وقال ابن يسار : كان له سبع بنين وسبع بنات.
وروى عن أنس يرفعه: أنه كان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله عز وجل سحابتين فأفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض.
وروى أن الله تعالى بعث إليه ملكاً وقال: إن ربك يقرئك السلام بصبرك فأخرج إلى أندرك، فخرج إليه فأرسل الله عليه جراداً من ذهب فطارت واحدة فابعها وردها إلى أندره، فقال له الملك: أما يكفيك ما في أندرك؟ فقال هذه بركة من بركات ربي ولا أشبع من بركته.
أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام بن منبه ، قال: أخبرنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا أيوب يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه [يا أيوب] ألم أكن أغنيك عما ترى؟ قال: بلى يارب وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك ". وقال قوم: آتى الله أيوب في الدنيا مثل أهله الذين هلكوا فأما الذين هلكوا فإنهم لم يردوا عليه في الدنيا. قال عكرمة : قيل لأيوب: إن أهلك لك في الآخرة فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا وإن شئت كانوا لك في الآخرة، وآتيناك مثلهم في الدنيا فقال يكونون لي في الآخرة، وأوتى مثلهم في الدنيا، فعلى هذا يكون معنى الآية: وآتيناه أهله في الآخرة ومثلهم معهم في الدنيا وأراد بالأهل الأولاد، " رحمة من عندنا "، أي نعمة من عندنا، " وذكرى للعابدين "، أي: عظة وعبرة لهم.
84ـ " فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر " بالشفاء من مرضه . " وآتيناه أهله ومثلهم معهم " بأن ولد له ضعف ما كان أو أحيي ولده وولد له منهم نوافل . " رحمةً من عندنا وذكرى للعابدين " رحمة على أيوب وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر فيثابوا كما أثيب ، أو لرحمتنا للعابدين فإنا نذكرهم بالإحسان ولا ننساهم .
84. Then We heard his prayer and removed that adversity from which he suffered, and We gave him his household (that he had lost) and the like thereof along with them, a mercy from Our store, and a remembrance for the worshippers;
84 - So we listened to him: we removed the distress that was on him, and we restored his people to him, and doubled their number, as a Grace from commemoration, for all who serve Us.