84 - (حتى إذا جاؤوا) مكان الحساب (قال) تعالى لهم (أكذبتم) أنبيائي (بآياتي ولم تحيطوا) من جهة تكذيبكم (بها علما أم) فيه إدغام ما الاستفهامية (ماذا) موصول أي ما الذي (كنتم تعملون) مما أمرتم به
وقوله " حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي " يقول تعالى ذكره: حتى إذا جاء من كل أمة فوج ممن يكذب بآياتنا فاجتمعوا قال الله: " أكذبتم بآياتي ": أي بحججي وأدلتي " ولم تحيطوا بها علما " يقول ولم تعرفوها حق معرفتها؟ " أماذا كنتم تعملون " فيها من تكذيب أو تصديق.
قوله تعالى :"أماذا كنتم تعملون " تقريع وتوبيخ أي ماذا كنتم تعملونه حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا ما فيها . " ووقع القول عليهم بما ظلموا " أي وجب العذاب عليهم بظلمهم أي بشركهم .
يقول تعالى مخبراً عن يوم القيامة وحشر الظالمين من المكذبين بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله عز وجل ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا, تقريعاً وتوبيخاً وتصغيراً وتحقيراً فقال تعالى: "ويوم نحشر من كل أمة فوجاً" أي من كل قوم وقرن فوجاً أي جماعة "ممن يكذب بآياتنا" كما قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" وقال تعالى: "وإذا النفوس زوجت" وقوله تعالى: "فهم يوزعون" قال ابن عباس رضي الله عنهما: يدفعون. وقال قتادة : وزعة يرد أولهم على آخرهم.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يساقون " حتى إذا جاؤوا " ووقفوا بين يدي الله عز وجل في مقام المساءلة " قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون " أي فيسألون عن اعتقادهم وأعمالهم! فلما لم يكونوا من أهل السعادة وكانوا كما قال الله عنهم: "فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى" فحينئذ قامت عليهم الحجة, ولم يكن لهم عذر يعتذرون به, كما قال الله تعالى "هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون" الاية, وهكذا قال ههنا: "ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون" أي بهتوا فلم يكن لهم جواب لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم, وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية.
ثم قال تعالى منبهاً على قدرته التامة وسلطانه العظيم وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره وتصديق أنبيائه فيما جاؤوا به من الحق الذي لا محيد عنه, فقال تعالى: "ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه" أي في ظلام الليل لتسكن حركاتهم بسببه وتهدأ أنفاسهم, ويستريحون من نصب التعب في نهارهم "والنهار مبصراً" أي منيراً مشرقاً, فبسبب ذلك يتصرفون في المعاش والمكاسب والأسفار والتجارات وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها " إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ".
84- " حتى إذا جاؤوا " إلى موقف الحساب قال الله لهم توبيخاً وتقريعاً "أكذبتم بآياتي" التي أنزلتها على رسلي، وأمرتهم بإبلاغها إليكم "و" الحال أنكم "لم تحيطوا بها علماً" بل كذبتم بها بادئ بدء جاهلين لها غير ناظرين فيها ولا مستدلين على صحتها أو بطلانها تمرداً وعناداً وجرأة على الله وعلى رسله، وفي هذا مزيد تقريع وتوبيخ، لأن من كذب بشيء ولم يحط به علماً فقد كذب في تكذيبه، ونادى على نفسه بالجهل وعدم الإنصاف، وسوء الفهم، وقصور الإدراك، ومن هذا قبيل من تصدى لذم علم من العلوم الشرعية أو لذم علم هو مقدمة من مقدماتها، ووسيلة يتوسل بها إليها، ويفيد زيادة بصيرة في معرفتها، وتعقل معانيها كعلوم اللغة العربية بأسرها، وهي إثنا عشر علماً، وعلم أصول الفقه فإنه يتوصل به إلى استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية مع اشتماله على بيان قواعد اللغة الكلية، وهكذا كل علم من العلوم التي لها مزيد نفع في فهم كتاب الله وسنة رسوله، فإنه قد نادى على نفسه بأرفع صوت بأنه جاهل مجادل بالباطل طاعن على العلوم الشرعية، مستحق لأن تنزل به قارعة من قوارع العقوبة التي تزجره عن جهله وضلاله وطعنه على ما لا يعرفه، ولا يعلم به، ولا يحيط بكنهه حتى يصير عبرة لغيره، وموعظة يتعظ بها أمثاله من ضعاف العقول وركاك الأديان، ورعاع المتلبسين بالعلم زوراً وكذباً، وأم في قوله: " أماذا كنتم تعملون " هي المنقطعة، والمعنى: أم أي شيء كنتم تعملون حتى شغلكم ذلك عن النظر فيها والتفكر في معانيها، وهذا الاستفهام على طريق التبكيت لهم.
84- " حتى إذا جاؤوا "، يوم القيامة، "قال"، الله لهم: "أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً"، ولم تعرفوها حق معرفتها، " أماذا كنتم تعملون "، حين لم تفكروا فيها. ومعنى الآية: أكذبتم بآياتي غير عالمين بها، ولم تفكروا في صحتها بل كذبتم بها جاهلين؟.
84 -" حتى إذا جاؤوا " إلى المحشر . " قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً " الواو للحال أي أكذبتم بها بادئ الرأي غير ناظرين فيها نظراً يحيط علمكم بكنهها وأنها حقيقة بالتصديق أو التكذيب ، أو للعطف أي أجمعتم بين التكذيب بها وعدم إلقاء الأذهان لتحققها . " أماذا كنتم تعملون " أم أي شيء كنتم تعملونه بعد ذلك ، وهو للتبكيت إذ لم يفعلوا غير التكذيب من الجهل فلا يقدرون أن يقولوا فعلنا غير ذلك .
84. Till, when they come (before their Lord), He will say: Did ye deny My revelations when ye could not compass them in knowledge, or what was it that ye did?
84 - Until, when they come (before the Judgment seat), (God) will say: Did ye reject My Signs, though ye comprehended them not in knowledge, or what was it ye did?