9 - (ولئن أذقنا الإنسان) الكافر (منا رحمة) غنى وصحة (ثم نزعناها منه إنه ليؤوس) قنوط من رحمة الله (كفور) شديد الكفر به
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولئن أذقنا الإنسان منا رخاءً وسعةً في الرزق والعيش ، فبسطنا عليه من الدنيا ـ وهي الرحمة التي ذكرها تعالى ذكره في هذا الموضع ، "ثم نزعناها منه" ، يقول : ثم سلبناه ذلك ، فأصابته مصائب أجاحته فذهبت به ، "إنه ليؤوس كفور" ، يقول : يظل قنطاً من رحمة الله ، آيساً من الخير .
وقوله : يؤوس ، فعول من قول القائل : يئس فلان من كذا ، فهو يؤوس ، إذا كان ذلك صفة له .
وقوله : "كفور" ، يقول : هو كفور لمن أنعم عليه ، قليل الشكر لربه المتفضل عليه بما كان وهب له من نعمته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : "ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور" ، قال : يا ابن آدم ، إذا كانت بك نعمة من الله من السعة والأمن والعافية ، فكفور لما بك منها . وإذا نزعت منك نبتغي قدعك وعقلك ، فيؤوس من روح الله قنوط من رحمته . كذلك المرء المنافق والكافر .
قوله تعالى: " ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة " الإنسان اسم شائع للجنس في جميع الكفار. ويقال: إن الإنسان هنا الوليد بن المغيرة وفيه نزلت. وقيل: في عبد الله بن أبي أمية المخزومي. " رحمة " أي نعمة. " ثم نزعناها منه " أي سلبناه إياها. " إنه ليؤوس " أي يائس من الرحمة. " كفور " للنعم جاحد لها، قال ابن الأعرابي. النحاس: ( ليؤوس) من يئس وييأس، وحكى سيبويه يئس ييئس على فعل يفعل، ونظيره حسب يحسب ونعم ينعم، ويأس ييئس، وبعضهم يقول: يئس ييئس، ولا يعرف في الكلام العربي إلا هذه الأربعة الأحرف من السالم جاءت على فعل يفعل، وفي واحد منها اختلاف. وهو يئس و ( يؤوس) على التكثير كفخور للمبالغة.
يخبر تعالى عن الإنسان وما فيه من الصفات الذميمة إلا من رحم الله من عباده المؤمنين أنه إذا أصابته شدة بعد نعمة حصل له يأس وقنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل وكفر وجحود لماضي الحال كأنه لم ير خيراً ولم يرج بعد ذلك فرجاً. وهكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة " ليقولن ذهب السيئات عني " أي يقول: ما ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء "إنه لفرح فخور" أي فرح بما في يده بطر فخور على غيره, قال الله تعالى: "إلا الذين صبروا" أي على الشدائد والمكاره "وعملوا الصالحات" أي في الرخاء والعافية "أولئك لهم مغفرة" أي بما يصيبهم من الضراء "وأجر كبير" بما أسلفوه في زمن الرخاء كما جاء في الحديث "والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه" وفي الصحيحين "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له, وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له, وليس ذلك لأحد غير المؤمن" ولهذا قال الله تعالى: " والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " وقال تعالى: "إن الإنسان خلق هلوعاً" الايات.
اللام في 9- "ولئن أذقنا الإنسان" هي الموطئة للقسم، والإنسان الجنس، فيشمل المؤمن والكافر، ويدل على ذلك الاستثناء بقوله: "إلا الذين صبروا" وقيل المراد جنس الكفار، ويؤيده أن اليأس والكفران والفرح والفخر هي أوصاف أهل الكفر لا أهل الإسلام في الغالب، وقيل: المراد بالإنسان الوليد بن المغيرة، وقيل: عبد الله بن أمية المخزومي. والمراد بالرحمة هنا: النعمة من توفير الرزق والصحة والسلامة من المحن "ثم نزعناها منه" أن سلبناه إياها " إنه ليؤوس " أي آيس من الرحمة شديد القنوط من عودها وأمثالها، والكفور: عظيم الكفران وهو الجحود بها قاله ابن الأعرابي، وفي إيراد صيغتي المبالغة في " ليؤوس كفور " ما يدل على أن الإنسان كثير اليأس، وكثير الجحد عند أن يسلبه الله بعض نعمه فلا يرجو عودها، ولا يشكر ما قد سلف له منها. وفي التعبير بالذوق ما يدل على أنه يكون منه ذلك عند سلب أدنى نعمة ينعم الله بها عليه، لأن الإذاقة والذوق أقل ما يوجد به الطعم.
9-قوله تعالى: "ولئن أذقنا الإنسان منا رحمةً"، نعمة وسعة، "ثم نزعناها منه"، أي: سلبناها منه، " إنه ليؤوس "، قنوط في الشدة، "كفور" في النعمة.
9."ولئن أذقنا الإنسان منا رحمةً"ولئن أعطيناه نعمة بحيث يجد لذتها."ثم نزعناها منه"ثم سلبنا تلك النعمة منه."إنه ليؤوس"قطوع رجاءه من فضل الله تعالى لقلة صبره وعدم ثقته به."كفور" مبالغ في كفران ما سلف له من النعمة.
9. And if We cause man to taste some mercy from Us and afterward withdraw it from him, lo! he is despairing, thankless.
9 - If we give man a taste of mercy from ourselves, and then withdraw it from him, behold he is in despair and (falls into) blasphemy.