9 - (وهل) قد (أتاك حديث موسى)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مسليه عما يلقى من الشدة من مشركي قومه ، ومعرفه ما إليه صائر أمره وأمرهم ، وأنه معليه عليهم ، وموهن كيد الكافرين ، ويحثه على الجد في أمره ، والصبر على عبادته ، وأن يتذكر فيما ينوبه فيه من أعدائه من مشركي قومه وغيرهم ، وفيما يزاول من الاجتهاد في طاعته ما ناب أخاه موسى صلوات الله عليه من عدوه ، ثم من قومه ، ومن بني إسرائيل وما لقي فيه من البلاء والشدة طفلاً صغيراً ، ثم يافعاً مترعرعاً، ثم رجلاً كاملاً "وهل أتاك" يا محمد "حديث موسى" ابن عمران "إذ رأى نارا" ذكر أن ذلك كان في الشتاء ليلاً، وأن موسى كان أضل الطريق ، فلما رأى ضوء النار قال لأهله ، ما قال.
قوله تعالى: " وهل أتاك حديث موسى " قال أهل المعاني: هو استفهام وإثبات وإيجاب معناه، أليس قد أتاك؟ وقيل: معناه وقد أتاك، قاله ابن عباس. وقال الكلبي لم يكن أتاه حديثه بعد ثم أخبره.
من هنا شرع تبارك وتعالى في ذكر قصة موسى, وكيف كان ابتداء الوحي إليه وتكليمه إياه, وذلك بعد ما قضى موسى الأجل الذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم, وسار بأهله قيل: قاصداً بلاد مصر بعد ما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين, ومعه زوجته, فأضل الطريق وكانت ليلة شاتية, ونزل منزلاً بين شعاب وجبال في برد وشتاء وسحاب وظلام وضباب, وجعل يقدح بزند معه ليوري ناراً كما جرت له العادة به, فجعل لا يقدح شيئاً ولا يخرج منه شرر ولا شيء, فينما هو كذلك إذ آنس من جانب الطور ناراً, أي ظهرت له نار من جانب الجبل الذي هناك عن يمينه, فقال لأهله يبشرهم: "إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس" أي شهاب من نار. وفي الاية الأخرى "أو جذوة من النار" وهي الجمر الذي معه لهب "لعلكم تصطلون" دل على وجود البرد.
وقوله: "بقبس" دل على وجود الظلام, وقوله: "أو أجد على النار هدى" أي من يهديني الطريق, دل على أنه قد تاه عن الطريق, كما قال الثوري عن أبي سعيد الأعور عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: "أو أجد على النار هدى" قال: من يهديني إلى الطريق, وكانوا شاتين وضلوا الطريق, فلما رأى النار قال: إن لم أجد أحداً يهديني إلى الطريق أتيتكم بنار توقدون بها.
ثم قرر سبحانه أمر التوحيد بذكر قصة موسى المشتملة على القدرة الباهرة، والخبر الغريب، فقال: 9- "وهل أتاك حديث موسى" الاستفهام للتقرير، ومعناه: أليس قد أتاك حديث موسى، وقيل معناه: قد أتاك حديث موسى، وقال الكلبي: لم يكن قد أتاه حديث موسى إذ ذاك. وفي سياق هذه القصة تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم لما يلاقيه من مشاق أحكام النبوة، وتحمل أثقالها ومقاساة خطوبها، وأن ذلك شأن الأنبياء قبله. والمراد بالحديث القصة الواقعة لموسى.
9 - قوله عز وجل : " وهل أتاك حديث موسى " ، أي : قد أتاك ، استفهام بمعنى التقرير .
9ـ " وهل أتاك حديث موسى " قفى تمهيد نبوته صلى الله عليه وسلم بقصة موسى ليأتم به في تحمل أعباء النبوة وتبليغ الرسالة والصبر على مقاساة الشدائد ، فإن هذه السورة من أوائل ما نزل .
9. Hath there come unto thee the story of Moses?
9 - Has the story of Moses reached thee?