9 - (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره) يعليه (على الدين كله) جميع الأديان المخالفة (ولو كره المشركون) ذلك
يقول تعالى ذكره : الله الذي أرسل رسوله محمداً بالهدى ودين الحق ، يعني ببيان الحق ، ودين الحق يعني ، وبدين الله ، وهو الإسلام .
وقوله " ليظهره على الدين كله " يقول : ليظهر دينه الذي أرسل به رسوله على كل دين سواه ، وذلك عند نزول عيسى ابن مريم ، وحين تصير الملة واحدة ، فلا يكون دين غير الإسلام .
كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي المقدام ثابت بن هرمز ، عن أبي هريرة " ليظهره على الدين كله " قال : خروج عيسى ابن مريم ، وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في معنى قوله " ليظهره على الدين كله " والصواب عندنا من القول في ذلك بعلله فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقد" حدثني عبد الحميد بن جعفر ، قال : ثنا الأسود بن العلاء ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ، فقالت عائشة : والله يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله " الآية ، إن ذلك سيكون تاماً ، فقال : إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ، ثم يبعث الله ريحاً طيبة ، فيتوفى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير ، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم ".
قوله تعالى : " هو الذي أرسل رسوله بالهدى " أي محمدا بالحق والرشاد . " ليظهره على الدين كله " أي بالحجج .ومن الظهور الغلبة باليد في القتال ، وليس المراد بالظهور ألآ يبقي دين آخر من الأديان ، بل المراد يكون أهل الإسلام عالين غالبين . ومن الإظهار ألا يبقى دين سوى الإسلام في آخر الزمان . قال مجاهد : وذلك إذا نزل عيسى لم يكن في الأرض دين إلا دين الإسلام . وقال أبو هريرة : " ودين الحق ليظهره على " بخروج عيسى .وحينئذ لا يبقي كافر إلا أسلم . وفي صحيح مسلم "عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقلن الخنزير ولضعن الجزية ولتنركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد " .وقيل :ليظهره أي ليطلع محمدا صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان ، حتى يكون عالما بها عارفا بوجوه بطلانها ، وبما حرفوا وغيروا منها . " على الدين " أي الأديان ، لأن الدين مصدر يعبر به عن جمع .
يقول تعالى: "ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام" أي: لا أحد أظلم ممن يفتري الكذب على الله ويجعل له أنداداً وشركاء وهو يدعى إلى التوحيد والإخلاص, ولهذا قال تعالى: "والله لا يهدي القوم الظالمين" ثم قال تعالى: "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم" أي يحاولون أن يردوا الحق بالباطل, ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفىء شعاع الشمس بفيه, وكما أن هذا مستحيل كذاك ذلك مستحيل, ولهذا قال تعالى: "والله متم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" وقد تقدم الكلام على هاتين الايتين في سورة براءة بما فيه كفاية, ولله الحمد والمنة.
وجملة 9- "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" مستأنفة مقررة لما قبلها والهدى القرآن أو المعجزات، ومعنى دين الحق، الملة الحقة، وهي ملة الإسلام، ومعنى ليظهره: ليجعله ظاهراً على جميع الأديان عالياً عليها غالباً لها ولو كره المشركون ذلك فإنه كائن لا محالة. قال مجاهد: ذلك إذا نزل عليسى لم يكن في الأرض دين إلا دين الإسلام، والدين مصدر يعبر به عن الأديان المتعددة، وجواب لو في الموضعين محذوف، والتقدير أتمه وأظهره.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: وددنا لو أن الله أخبرنا بأحب الأعمال فنعمل به، فأخر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن أحب الأعمال إيمان بالله لا شك فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به، فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين وشق عليهم أمره، فقال الله: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في قوله: "كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" قال: هذه الآية في القتال وحده، وهم قوم كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيقول الرجل: قاتلت وضربت بسيفي ولم يفعلوا، فنزلت. وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عنه أيضاً قال: قالوا لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لفعلناه فأخبرهم الله فقال: "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص" فكرهوا ذلك، فأنزل الله " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "كأنهم بنيان مرصوص" قال: مثبت لا يزول ملصق بعضه على بعض. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الله الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا العاقب: والعاقب الذي ليس بعده نبي".
9- " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ".
9-" هو الذي أرسل رسوله بالهدى " بالقرآن أو المعجزة " ودين الحق " والملة الحنيفية . " ليظهره على الدين كله " ليغلبه على جميع الأديان ." ولو كره المشركون " لما فيه من محض التوحيد وإبطال الشرك .
9. He it is who hath sent His messenger with the guidance and the religion of truth, that He may make it conqueror of all religion however much idolaters may be averse.
9 - It is He Who has sent His Apostle with Guidance and the Religion of Truth, that he may proclaim it over all religion, even though the Pagans may detest (it).