91 - (قالوا تالله لقد آثرك) فضلك (الله علينا) بالملك وغيره (وإن) مخففة أي إنا (كنا لخاطئين) آثمين في أمرك فأذللناك
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : قال إخوة يوسف له : تالله لقد فضلك الله علينا ، وآثرك بالعلم والحلم والفضل ، "وإن كنا لخاطئين" ، يقول : وما كنا في فعلنا الذي فعلنا بك ، في تفريقنا بينك وبين أبيك وأخيك وغير ذلك من صنيعنا الذي صنعنا بك ، إلا خاطئين ، إلا خاطئين ، يعنون : مخطئين .
يقال منه : خطىء فلان يخطأ خطأ وخطأ ، وأخطأ يخطىء إخطاء ، ومن ذلك قول أمية بن الأسكر :
وإن مهاجرين تكفناه لعمر الله قد خطئا وحابا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو عن أسباط ، عن السدي قال : لما قال لهم يوسف : "أنا يوسف وهذا أخي" ، اعتذروا إليه وقالوا : "تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين" ، فيما كنا صنعنا بك .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "تالله لقد آثرك الله علينا" ، وذلك بعد ما عرفهم أنفسهم . يقول : جعلك الله رجلاً حليماً .
قوله تعالى: " قالوا تالله لقد آثرك الله علينا " الأصل همزتان خففت الثانية، ولا يجوز تحقيقها، واسم الفاعل مؤثر، والمصدر إيثار. ويقال: أثرت التراب إثارةً فأنا مثير، وهو أيضاً على أفعل ثم أعل، والأصل أثير نقلت حركة الياء على الثاء، فانقلبت الياء ألفاً، ثم حذفت لالتقاء الساكنين. وأثرت الحديث على فعلت فأنا آثر، والمعنى: لقد فضلك الله علينا، واختارك بالعلم والحلم والحكم والعقل والملك. " وإن كنا لخاطئين " أي مذنبين من خطيء يخطأ إذا أتى الخطيئة، وفي ضمن هذا سؤال العفو. وقيل لابن عباس: كيف قالوا: ( وإن كنا لخاطئين) وقد تعمدوا لذلك؟ قال: وإن تعمدوا لذلك، فما تعمدوا حتى أخطؤوا الحق، وكذلك كل من أتى ذنباً تخطى المنهاج الذي عليه من الحق، حتى يقع في الشبهة والمعصية.
يقول تعالى مخبراً عن يوسف عليه السلام, أنه لما ذكر له إخوته ما أصابهم من الجهد والضيق وقلة الطعام وعموم الجدب, وتذكر أباه وما هو فيه من الحزن لفقد ولديه مع ما هو فيه من الملك والتصرف والسعة, فعند ذلك أخذته رقة ورأفة ورحمة وشفقة على أبيه وإخوته, وبدره البكاء فتعرف إليهم, فيقال: إنه رفع التاج عن جبهته, وكان فيها شامة, وقال "هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون" يعني كيف فرقوا بينه وبين أخيه "إذ أنتم جاهلون" أي إنما حملكم على هذا الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه, كما قال بعض السلف: كل من عصى الله فهو جاهل, وقرأ "ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة" الاية, والظاهر ـ والله أعلم ـ أن يوسف عليه السلام إنما تعرف إليهم بنفسه بإذن الله تعالى له في ذلك, كما أنه إنما أخفى منهم نفسه في المرتين الأوليين بأمر الله تعالى له في ذلك, والله أعلم ولكن لما ضاق الحال واشتد الأمر, فرج الله تعالى من ذلك الضيق, كما قال تعالى: " فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا " فعند ذلك قالوا "أإنك لأنت يوسف ؟" وقرأ أبي بن كعب " أإنك لأنت يوسف ", وقرأ ابن محيصن "أنت يوسف", والقراءة المشهورة هي الأولى, لأن الاستفهام يدل على الاستعظام أي أنهم تعجبوا من ذلك أنهم يترددون إليه من سنتين وأكثر وهم لا يعرفونه وهو مع هذا يعرفهم ويكتم نفسه, فلهذا قالوا على سبيل الاستفهام: "أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي".
وقوله: " قد من الله علينا " أي بجمعه بيننا بعد التفرقة وبعد المدة "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين * قالوا تالله لقد آثرك الله علينا" الاية, يقولون معترفين له بالفضل والأثرة عليهم في الخلق والخلق والسعة والملك والتصرف والنبوة أيضاً, على قول من لم يجعلهم أنبياء, وأقروا له بأنهم أساءوا إليه وأخطأوا في حقه "قال لا تثريب عليكم اليوم" يقول: أي لا تأنيب عليكم ولا عتب عليكم اليوم, ولا أعيد عليكم ذنبكم في حقي بعد اليوم, ثم زادهم الدعاء لهم بالمغفرة فقال: "يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين" قال السدي: اعتذروا إلى يوسف فقال: "لا تثريب عليكم اليوم" يقول: لا أذكر لكم ذنبكم: وقال ابن إسحاق والثوري " لا تثريب عليكم " أي لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم, "يغفر الله لكم" أي يستر الله عليكم فيما فعلتم "وهو أرحم الراحمين".
91- "قالوا تالله لقد آثرك الله علينا" أي لقد اختارك وفضلك علينا بما خصك به من صفات الكمال، وهذا اعتراف منهم بفضله وعظيم قدره. ولا يلزم من ذلك أن لا يكونوا أنبياء، فإن درج الأنبياء متفاوتة، قال الله تعالى: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" "وإن كنا لخاطئين" أي وإن الشأن ذلك. قال أبو عبيدة: خطء وأخطأ بمعنى واحد. وقال الأزهري: المخطىء من أراد الصواب فصار إلى غيره، ومنه قولهم: المجتهد يخطىء ويصيب، والخاطىء من تعمد ما لا ينبغي. قالوا هذه المقالة المتضمنة للاعتراف بالخطأ والذنب استجلاباً لعفوه واستجذاباً لصفحه.
91-"قالوا"، معتذرين، "تالله لقد آثرك الله علينا"، أي: اختارك الله وفضلك علينا، "وإن كنا لخاطئين"، أي: وما كنا في صنيعنا بكل إلا مخطئين مذنبين. يقال: خطئ خطأ إذا تعمد وأخطأ إذا كان غير متعمد.
91."قالوا تالله لقد آثرك الله علينا" اختارك علينا بحسن الصورة وكمال السيرة."وإن كنا لخاطئين"والحال أن شأننا أنا كنا مذنبين بما فعلنا معك.
91. They said: By Allah, verily Allah hath preferred thee above us, and we were indeed sinful.
91 - They said: by God indeed has God preferred thee above us, and we certainly have been guilty of sin