92 - (قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله) فتتركوا قتلي لأجلهم ولا تحفظوني لله (واتخذتموه) أي الله (وراءكم ظهرياً) منبوذاً خلف ظهوركم لا تراقبونه (إن ربي بما تعملون محيط) علماً فيجازيكم
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال شعيب لقومه : يا قوم ، أعزرتم قومكم ، فكانوا أعز عليكم من الله ، واستخففتم بربكم ، فجعلتموه خلف ظهوركم ، لا تأتمرون لأمره ، ولا تخافون عقابه ، ولا تعظمونه حق عظمته ؟
يقال للرجل إذا لم يقض حاجة الرجل : نبذ حاجته وراء ظهره ، أي تركها لا يلتفت إليه . وإذا قضاها قيل : جعلها أمامه ، ونصب عينيه ، وقال : ظهرت بحاجتي ، و جعلتها ظهرية ، أي خلف ظهرك ، كما قال الشاعر :
وجدنا بني البرصاء من ولد الظهر
بمعنى أنهم يظهرون بحوائج الناس ، فلا يلتفتون إليها .
بونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، وذلك أن قوم شعيب ورهطه كانوا أعز عليهم من الله ، وصغر شأن الله عندهم ، عز ربنا وجل .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح ، قال حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، قال : قفاً .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : "يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، يقول : عزرتم قومكم ، وأظهرتم بربكم .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ،عن معمر ، عن قتادة :"واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، قال : لم تراقبوه في شيء ، إنما تراقبون قومي ، "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، يقول : عزرتم قومكم ، وأظهرتم بربكم .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، قال : لم تراقبوه في شيء ،إنما تراقبون قومي ، "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، لا تخافونه .
حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : "أرهطي أعز عليكم من الله" ، قال : أعزرتم قومكم ، واغتررتم بربكم . سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل قال : قال سفيان : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، كما يقول الرجل للرجل : خلفت حاجتي خلف ظهرك ، "واتخذتموه وراءكم ظهريا"، استخففتم بأمره . فإذا أراد الرجل قضاء حاجة صاحبه جعلها أمامه بين يديه ، ولم يستخف بها .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، قال الظهري ، الفضل ، مثل الجمال يخرج معه بإبل ظهارية، فضل ، لا يحمل عليها شيئاً ، إلا أن يحتاج إليها . قال : فيقول : إنما ربكم عندكم مثل هذا ، إن احتجتم إليه . وإن لم تحتاجوا إليه ، فليس بشيء .
وقال آخرون : معنى ذلك : واتخذتم ما جاء به شعيب ورائكم ظهرياً ، فالهاء التي في قوله : "واتخذتموه" ، على هذا ،من ذكر ما جاء به شعيب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، قال : تركتم ما جاء به شعيب .
قال ، حدثنا جعفر بن عون ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد قال : نبذوا أمره .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، قال : نبذتم أمره .
حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ،قال هم رهط شعيب ، بتركهم ما جاء به وراء ظهورهم ، ظهرياً .
حدثني المثنى قال ، حدثنا ابو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، ، عن مجاهد ، قال ... وحدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، قال : استثناؤهم رهط شعيب ، وتركهم ما جاء به شعيب وراء ظهورهم ظهرياً .
قال ابو جعفر : وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك ، لقرب قوله : "واتخذتموه وراءكم ظهريا" ، من قوله : "أرهطي أعز عليكم من الله" ، فكانت الهاء في قوله : "واتخذتموه" بأن تكون من ذكر الله ، لقرب جوارها منه ، أشبه وأولى .
وقوله : "إن ربي بما تعملون محيط" ، يقول : إن ربي محيط علمه بعملكم فلا يخفى عليه منه شيء ، وهو مجازيكم على جميعه عاجلاً وآجلاً .
القول في تأويل قوله تعالى : "ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون" .
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبراً عن قيل شعيب لقومه : "ويا قوم اعملوا على مكانتكم" ، يقول : على تمكنكم .
يقال منه : الرجل يعمل على مكينته ومكنته ، أي : على اتئاده ، ومكن الرجل يمكن مكناً ومكانة ومكاناً .
وكان بعض أهل التأويل يقول في معنى قوله : "على مكانتكم" ، على منازلكم .
قال أبو جعفر : فمعنى الكلام إذاً : ويا قوم اعملوا على تمكنكم من العمل الذي تعملونه إني عامل على تؤدة من العلم الذي أعمله ، "سوف تعلمون" ، أينا الجاني على نفسه ، والمخطىء عليها ، والمصيب في فعله المحسن إلى نفسه .
قوله تعالى: " قال يا قوم أرهطي " ( أرهطي) رفع بالابتداء، والمعنى أرهطي في قلوبكم " أعز عليكم من الله " وأعظم وأجل وهو يملككم. " واتخذتموه وراءكم ظهريا " أي اتخذتموه ما جئتكم به من أمر الله ظهرياً، أي جعتلموه وراء ظهوركم، وامتنعتم من قتلي مخافة قومي، يقال: جعلت أمره بظهر إذا قصرت فيه، وقد مضى في ( البقرة)، " إن ربي بما تعملون " أي من الكفر والمعصية. " محيط " أي عليم. وقيل: حفيظ.
يقولون " يا شعيب ما نفقه " ما نفهم "كثيراً" من قولك "وإنا لنراك فينا ضعيفاً" قال سعيد بن جبير والثوري وكان ضرير البصر, وقال الثوري كان يقال له خطيب الأنبياء, قال السدي "وإنا لنراك فينا ضعيفاً" قال: أنت واحد, وقال أبو روق: يعنون ذليلاً لأن عشيرتك ليسوا على دينك "ولولا رهطك لرجمناك" أي قومك لولا معزتهم علينا لرجمناك قيل بالحجارة وقيل لسببناك "وما أنت علينا بعزيز" أي ليس عندنا لك معزة "قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله" يقول: أتتركوني لأجل قومي ولا تتركوني إعظاماً لجناب الرب تبارك وتعالى أن تنالوا نبيه بمساءة وقد اتخذتم كتاب الله "وراءكم ظهرياً" أي نبذتموه خلفكم لا تطيعونه ولا تعظمونه "إن ربي بما تعملون محيط" أي هو يعلم جميع أعمالكم وسيجزيكم بها.
وجملة 92- "قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله" مستأنفة، وإنما قال أعز عليكم من الله، ولم يقل أعز عليكم مني، لأن نفي العزة عنه وإثباتها لقومه كما يدل عليه إيلاء الضمير حرف النفي استهانة به، والاستهانة بأنبياء الله استهانة بالله عز وجل، فقد تضمن كلامهم أن رهطه أعز عليهم من الله، فاستنكر ذلك عليهم وتعجب منه وألزمهم ما لا مخلص لهم عنه ولا مخرج لهم منه بصورة الاستفهام، وفي هذا من قوة المحاجة ووضوح المجادلة وإلقام الخصم الحجر ما لا يخفى، ولأمر ما سمي شعيب خطيب الأنبياء، والضمير في "واتخذتموه" راجع إلى الله سبحانه. والمعنى: واتخذتم الله عز وجل بسبب عدم اعتدادكم بنبيه الذي أرسله إليكم "وراءكم ظهرياً" أي منبوذاً وراء الظهر لا تبالون به، وقيل المعنى: واتخذتم أمر الله الذي أمرني بإبلاغه إليكم، وهو ما جئتكم به وراء ظهوركم، يقال: جعلت أمره بظهر: إذا قصرت فيه، و "ظهرياً" منسوب إلى الظهر، والكسر لتغيير النسب "إن ربي بما تعملون محيط" لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم.
92- "قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله" أي: مكان رهطي أهيب عندكم من الله، أي: إن تركتم قتلي لمكان رهطي فالأولى أن تحفظوني في الله. "واتخذتموه وراءكم ظهريا"أي: نبذتم أمر الله وراء ظهوركم وتركتموه، "إن ربي بما تعملون محيط".
92."قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهرياً"وجعلتموه كالمنسي المنبوذ وراء الظهر بإشراككم به والإهانة برسوله فلا تبقون علي لله وتبقون علي لرهطي ، وهو يحتمل الإنكار والتوبيخ والرد والتكذيب ، و"ظهرياً"منسوب إلى الظهر والكسر من تغييرات النسب ."إن ربي بما تعملون محيط" فلا يخفى عليه شيء منها فيجازي عليها.
92. He said: O my people! Is my family more to be honored by you than Allah? And ye put Him behind you, neglected! Lo! my Lord surroundeth what ye do.
92 - He said: O my people is then my family of more consideration with you than God? for ye cast him away behind your backs (with contempt). but verily my Lord encompasseth on all sides all that ye do