94 - (قال) هارون (يا ابن أم) بكسر الميم وفتحها أراد امي وذكرها أعطف لقلبه (لا تأخذ بلحيتي) وكان أخذها بشماله (ولا برأسي) وكان أخذ شعره بيمينه غضبا (إني خشيت) لو اتبعتك ولا بد أن يتبعني جمع ممن لم يعبدوا العجل (أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) وتغضب علي (ولم ترقب) تنتظر (قولي) فيما رأيته في ذلك
وقوله "قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي" وفي هذا الكلام متروك ، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام عليه ، وهو: ثم أخذ موسى بلحية أخيه هارون ورأسه يجره إليه ، فقال هارون "يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي".
وقوله "إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي" فاختلف أهل العلم في صفة التفريق بينهم ، الذي خشيه هارون ، فقال بعضهم : كان هارون خاف أن يسير بمن أطاعه ، وأقام على دينه في أثر موسى، ويخلف عبدة العجل ، وقد "قالوا" له "لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى" فيقول له موسى "فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي" بسيرك بطائفة، وتركك منهم طائفة وراءك.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد، في قول الله تعالى " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * أن لا تتبعن أفعصيت أمري " قال "خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي" قال : خشيت أن يتبعني بعضهم ويتخلف بعضهم.
وقال آخرون : بل معنى ذلك : خشيت أن نقتتل فيقتل بعضنا بعضاً.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج "إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي" قال : كنا نكون فرقتين فيقتل بعضنا بعضاً حتى نتفانى.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب ، القول الذي قاله ابن عباس من أن موسى عذل أخاه هارون على تركه اتباع أمره بمن اتبعه من أهل الإيمان ، فقال له هارون : إني خشيت أن تقول : فرقت بين جماعتهم ، فتركت بعضهم وراءك ، وجئت ببعضهم ، وذلك بين في قول هارون للقوم "يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري" وفي جواب القوم له وقيلهم "لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى".
وقوله "ولم ترقب قولي" يقول : ولم تنظر قولي وتحفظه. من مراقبة الرجل الشيء ، وهي مناظرته بحفظه.
كما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس "ولم ترقب قولي" قال : لم تحفظ قولي.
قوله تعالى: " يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " ابن عباس: أخذ شعره بيمينه ولحيته بيساره، لأن الغيرة في الله ملكته، أي لا تفعل هذا فيتوهموا أنه منك استخفاف أو عقوبة. وقد قيل: إن موسى عليه السلام إنما فعل هذا على غير استخفاف ولا عقوبة كما يأخذ الإنسان بلحية نفسه. وقد مضى هذا في ((الأعراف)) مستوفى. والله عز وجل أعلم بما أراد نبيه عليه السلام. " إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل " أي خشيت أن أخرج وأتركهم وقد أمرتني أن أخرج معهم، فلو خرجت لاتبعني قوم ويتخلف مع العجل قوم، وربما أدى الأمر إلى سفك الدماء، وخشيت إن زجرتهم أن يقع قتال فتلومني على ذلك. وهذا جواب هارون لموسى عليه السلام عن قوله: " أفعصيت أمري " وفي الأعراف " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء " [الأعراف: 150] لأنك أمرتني أن أكون معهم. وقد تقدم. ومعنى " ولم ترقب قولي " لم تعمل بوصيتي في حفظه، قاله مقاتل . وقال أبو عبيدة: لم تنتظر عهدي وقدومي.
يخبر تعالى عن موسى عليه السلام حين رجع إلى قومه, فرأى ما قد حدث فيهم من الأمر العظيم, فامتلأ عند ذلك غضباً وألقى ما كان في يده من الألواح الإلهية, وأخذ برأس أخيه يجره إليه, وقد قدمنا في سورة الأعراف بسط ذلك, وذكرنا هناك حديث "ليس الخبر كالمعاينة" وشرع يلوم أخاه هارون, فقال: " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * أن لا تتبعن " أي فتخبرني بهذا الأمر أول ما وقع "أفعصيت أمري" أي فيما كنت قدمت إليك, وهو قوله: "اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين" "قال يا ابن أم" ترقق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه, لأن ذكر الأم ههنا أرق وأبلغ في الحنو والعطف, ولهذا قال: "يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي" الاية, هذا اعتذار من هارون عند موسى في سبب تأخره عنه حيث لم يلحقه فيخبره بما كان من هذا الخطب الجسيم, قال: "إني خشيت" أن أتبعك فأخبرك بهذا, فتقول لي لم تركتهم وحدهم وفرقت بينهم "ولم ترقب قولي" أي وما راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم, قال ابن عباس : وكان هارون هائباً مطيعاً له.
94- "قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي" قرئ بالفتح والكسر للميم، وقد تقدم الكلام على هذا في سورة الأعراف، ونسبه إلى الأم مع كونه أخاه لأبيه وأمه عند الجمهور استعطافاً له وترقيقاً لقلبه، ومعنى "ولا برأسي" ولا بشعر رأسي: أي لا تفعل هذا بي عقوبة منك لي، فإن لي عذراً هو "إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل" أي خشيت إن خرجت عنهم وتركتهم أن يتفرقوا فتقول إني فرقت جماعتهم وذلك لأن هارون لو خرج لتبعه جماعة منهم وتخلف مع السامري عند العجل آخرون، وربما أفضى ذلك إلى القتال بينهم، ومعنى "ولم ترقب قولي" ولم تعمل بوصيتي لك فيهم، إني خشيت أن تقول فرقت بينهم وتقول لم تعمل بوصيتي لك فيهم وتحفظها، ومراده بوصية موسى له هو قوله: " اخلفني في قومي وأصلح " قال أبو عبيد: معنى "ولم ترقب قولي" ولم تنتظر عهدي وقدومي لأنك أمرتني أن أكون معهم، فاعتذر هارون إلى موسى ها هنا بهذا، واعتذر إليه في الأعراف بما حكاه الله عنه هنالك حيث قال: "إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني".
94. " قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي "، أي بشعر رأسي وكان قد أخذ ذوائبه، " إني خشيت "، لو أنكرت عليهم لصاروا حزبين يقتل بعضهم بعضاً، " أن تقول فرقت بين بني إسرائيل "، أي خشيت إن فارقتهم واتبعتك صاروا أحزاباً يتقاتلون، فتقول أنت فرقت بين بني إسرائيل، " ولم ترقب قولي "، ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك اخلفني في قومي، وأصلح أي ارفق بهم ثم أقبل موسى على السامري
94ـ " قال يا ابن أم " خص الأم استعطافاً وترقيقاً ، وقيل لأنه كان أخاه من الأم والجمهور على أنهما كانا من أب وأم . " لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " أي بشعر رأسي قبض عليهما يجره إليه من شدة غيظه وفرط غضبه لله ، وكان عليه الصلاة والسلام حديداً خشناً متصلباً في كل شيء فلم يتمالك حين رآهم يعبدن العجل . " إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل " لو قاتلت أو فارقت بعضهم ببعض . " ولم ترقب قولي " حين قلت " اخلفني في قومي وأصلح " فإن الإصلاح كان في حفظ الدهماء والمداراة لهم أن ترجع إليهم فتتدارك الأمر برأيك .
94. He said: O son of my mother! Clutch not my beard nor my head! I feared lest thou shouldst say: Thou hast caused division among the Children of Israel, and hast not waited for my word.
94 - (Aaron) replied: O son of my mother! seize (me) not by my beard nor by (The hair of) my head! Truly I feared lest thou shouldst say, Thou hast caused a division among the children of Israel, and thou didst not respect my word!